“نقطة على الحرف” – الحلقة 1338
العيد في دُمُوع طفْلٍ يَـمَنيّ
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَــــد 10 كانون الأَوّل 2017

لا يُـمكن أَن تَظلَّ الأُممُ الـمُتَّحدة مُـجَـرَّد “ـاـا” نويل

في موسم العيد، أَيِّ عيدٍ، يتَّجه التفكير صوب الأَطفال. فالأَطفال بهجةُ العيد ومَرَايَا فرحه الأَبيض.

وفي موسم العيد نلتفت إِلى القريب والبعيد على هذا الكوكب فنرى في دُوَله المتقدِّمة فرَحًا ملوَّنًا، وفي تلك النامية حُـزنًا بغير لون.

بين زينة العيد وموسيقى العيد وانتظار العيد ومفاجآت العيد وتُخمة المآكل والهدايا والبذْخ والولائم والمبادلات، تتسلّل إِلى التفكير القريب إِحصاءاتٌ من اليَمَن عن انهيار نحو مليونَـي طفل من سوء التغذية. وفي آخر تقريرٍ للــ”يونيسف” هذا الأُسبوع “موتُ طفلٍ في اليمَن كلَّ عشْر دقائق لأَسباب الجوع والمرض والجراثيم والأَوبئة”، و”خطرُ كارثةٍ وشيكةٍ جدًّا إِذا لم تصل المساعدات إِلى نحو 11 مليون طفل يَـمَنيّ”. وختَم التقرير بأَنّ “اليمَن اليوم، من حيثُ وضعُ الأَطفال، أَسوأُ بلدٍ على وجه الأَرض”.

وما يحصَل في اليمن يحصَل مثْلُهُ، ربما في نِسَبٍ أَقَل، في السُودان والصومال وأَريتريا وسواها، وفي بعض سوريا وبين النازحين السوريين في لبنان والعالم، وفي بلدانٍ يسكنها لاجئُون بين أَزقَّة المخيَّمات.

من تقريرٍ قرأْتُه قبل أَيام في جريدة “لوموند” أَنّ صراعًا قويًّا حاصلٌ في تفاوُت النمُوّ بين البلدان المتقدّمة والبلدان النامية، بشهادة أَرقام صافعةٍ أَنّ 20% (هم أَفقر السكان في العالم) يتقاسمون 1% فقط من العائد العالَـميّ. وهذا الشَحُّ يطال الأَولاد الذين يُشير التقرير عنهم أَن في العالم 250 مليونَ ولدٍ عاملٍ بين الخامسة والرابعة عشْرة من العمر، خُصوصًا في دوَل آسيا وأَفريقيا وأَميركا اللاتينية الشديدة الفقر، يشتغلون في قطاعات الزراعة والصناعة والأَعمال اليَدوية، يعمَلون مقهورين كي يؤَمِّنوا عيشَهم الزهيد وهُم في سِنٍّ عنوانُها الطبيعيُّ الأَحلامُ الورديةُ والأَلعابُ الـمُرفِّهة.

وختَم تقرير “الموند” أَنّ هذا سببٌ أَوَّلُ في هجرة الأَدمغة من البلدان النامية إِلى البلدان المتقدّمة. وعن وزير العمل في الهند أَن 30% من عباقرة العمل الإِلكتروني في العالم هُم من الهنود. وهذا ما دعا رئيس تنزانيا إِلى التصريح أَن الدوَل المتقدّمة، بعدما دَرَجَت على نهْب المواد الأَولية من البلدان النامية، أَخذت تدرج على استقطاب الأَدمغة، ما يوسّع الهوّة بين البلدان المتقدّمة والبلدان النامية.

أَمام هذا الواقع الـمُرّ، لا يُـمكن أَن تَظلَّ الأُمم المتحدة مُـجَـرَّد “ﭘـاﭘـا” نويل للفقراء، بل الأَهمُّ وقْفُ الحروب والتجاذُبات السياسية الفاحشة بين الأُمم على حساب مواطنين ضعفاء أَبرياء تطالهم نيرانُ القوى الكبرى النهمةُ إِلى التسَلُّح والتسليح، فيَسقط منهم ضحايا التسلُّح وشهداءُ التسليح، وتَرتَع الدول الكبرى بغنائم الأَرض والسِـبَاق على قيادة العالم.

إِن عالَـمًا لا يرى ملامحَ العيد في دُمُوع طفْل يـمَـنيّ ويموتُ فيه الأَطفال جوعًا وفَقرًا وسوءَ تغذية، لم يَــبْـلُغ بعدُ رُقِـيَّ ما وَرَدَ في الآية 245 من سُورة البَقَرة: “مَنْ يُقْرِضِ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَهُ اللهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً“، ولم يَـبْـلُـغ بعدُ ما نَقرأُ في البيوت عند أَعلى شجرة الميلاد: “المجدُ لله في العُلى، وعلى الأَرض السلام، والرجاءُ الصالح لبَني البشر“.

هـنـري زغـيـب

email@old.henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib