قرأْتُ في “نهار” الثلثاء 11 تموز أَن “لجنة الإِدارة والعدل ناقشَت موضوعَي القضاء والموقوفين” إِنما… “في غياب وزيرَي العدل والداخلية”. وكنتُ قرأْتُ مرارًا عن أَكثر من جلسةِ لجنةٍ نيابية لمناقشة موازنة أَو إِقرارها، حضَر رئيسُها ولم يحضر معظم أَعضائها.
ليس من شأْني أَن أَسأَل عن أَسباب الغيابات، لكنّ من شأْني أَن أَتساءَلَ عن تقاعُسٍ في أَداء سياسيين يُفتَرَض بهم أَن يَسُوسُوا البلاد إِلى الإِعمار فإِذا بهم يسيِّسون البلاد إِلى الانهيار.
وقبل أَيام قرأْتُ تصريحًا لأَحدٍ منهم جاء فيه: “ليتَ الطبقة السياسيَّة تتنحّى” (رئيس اللقاء الديمقراطي- الأَحد، “الحياة” 9 تموز).
هنا نحنُ إِذاً أَمام سياسيين لا يقومون بواجباتٍ لأَجْلها جاؤُوا إِلى الحُكم خدمةً الشعبَ، فجعلوا الشعب في خدمتهم ممتطين أَكتافَ أَزلامهم ومحاسيبهم، حتى اقترحوا أَخيرًا رفض توظيف الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية كي يظل الوزير متحكِّمًا بتوظيف محاسيـبه. هنيئًا لفؤاد شهاب لأَنه لن يرى تهديم دولة مدنية أَسس لها مجلسَ الخدمة المدنية والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة، فتحوّلت منذ عهودٍ من إِدارة محاسبات إِلى دولة محاسيب.
لا يحضر النواب جلسةَ لجنة نيابية، هُم أَعضاؤُها، لمناقشةِ موازنةٍ أَو للبحث في تشريع؟ ليش؟ شو بيشتغل النائب؟ التشريع أَساس دوره، وإِذا لم يحضر للتشريع والمناقشة فعلامَ يتقاضى شهريًّا من جُيُوب الشعب 12 مليون ليرة عدا المخصصات والحوافز والتقديمات؟
هل هو نائب ليقوم بخدماتٍ انتخابية هي أَصلًا من مهمة رئيس البلدية ومعقِّب المعاملات؟
شو بيشتغل النائب؟ حين يتغيَّب الموظَّف بدون عذر شرعي أَو طبي، يَحسُم رئيسُهُ جزءًا من راتبه، فمن يحاسب النائب على غيابه؟ معاشُه من الشعب المغلوب، ومرجِعُه الشعبُ الـ”حَبُّوب” الذي انتخبه، لكنه يطيح ناخبيه بغطرسةِ توظيفه الشعبَ في خدمته بينما هو نائب “عن” الشعب فهو تاليًا موظف “عند” الشعب، فكيف يتغيب عن حضور اجتماعاتٍ لصالح الشعب؟ وكيف يغيب عن جلساتِ لجانٍ خاصةٍ أَو لِـجانٍ مشتركةٍ أَو جلساتٍ عامة، ويسافر ترفًا واستجمامًا، ويتغيَّب عن البلاد أَشهرًا، ويتمتَّع بوقته على حساب الشعب؟
المجلس سيِّد نفسه؟ أَبدًا. مش صحيح. الشعب هو الأَساس، والشعبُ سيِّدُ نفسه، وهو الذي “يُسَــيِّــدَ” النواب. إِن”صوت الشعب من صوت الله”، ولم يقُل أَحدٌ إِن صوت الله مبثُـوثٌ في مجلس نوابٍ حضَر أَعضاؤُه بسرعةٍ إِلكترونيةٍ ومَـدَّدوا ولايَتَهم مثْنى وثلاثًا، ولا يحضرون جلساتِ لجانٍ تفيد الشعب، معتبِرين أَنهم “فالتون من الرقابة”.
ذات يوم قال أَبو ديانا سعيد تقي الدين: “اكتشفتُ بَـغـلًا جديدًا اسمُه الرأْي العام”.
الانتخابات النيابية على الأَبواب. اللبنانيون الشرفاء، فليُكَذِّبوا مقولة أَبو ديانا.