الهاتف الخَلَويّ قريبًا في… نظّاراتكُم!!!
لِـسَنواتٍ قليلةٍ خلَت، لم يكن ممكنًا تصوُّرُ أَن نتجوَّل وفي جـيـبـنـا جهازٌ أَصغرُ من كَفّ اليد، نتصلُ به إِلى أَيِّ مكانٍ في العالم، ويَطالُنا كلُّ مَن يريدنا مِن أَيِّ مكانٍ في العالم، وأَن نتمكَّنَ من رؤْية الرقم الذي يطلُبنا، وأَن نلتقطَ صوَرًا بهذا الجهاز الصغير، وأَن نُرسلَ الصُوَر “وَاتْسْآﭘِّــــيًّـا” في اللحظة ذاتها، وأَن نُـهاتفَ صوتًا وصورةً، وأَن تتنقّل منَّا وإِلينا معظمُ المعاملات مُصوَّرةً بسرعة الثانية، … إِلى آخر ما تُـمَكِّـنـنـا منه اليومَ تكنولوجيا إِلكترونيةٌ تسارعَت اختراعاتُها وتسهيلاتُها في السنوات العشْر الأَخيرة بشكلٍ مذهلٍ يكادُ العقل العادي لا يستلحقُه بهذه السُرعة.
علامةُ العِلْم أَنّ جديدَه يُلغي فورًا قديمَه، حتى باتُ الهاتفُ الثابت والفاكس والتلكس والدكتيلو من الماضي ولو هو زمنيًّا ليس بـبـعـيـد.
في هذا السياق، حول تسارُع الاختراعات، قرأْتُ قبل يومين في جريدة “إِنْدِﭘِــنْــدِنْــت” البريطانية أَنَّ هذا الجهاز الصغير في الـجيب سيُصبح ذكاؤُه هو الآخَر من الماضي، لأَن شركات الهاتف الـخَلَوي والتكنولوجيا الرقمية تعمل حاليًّا على تطوير تقْنياتٍ جديدةٍ لِـما تُسمّيها “مرحلة ما بعد الهواتف الذكية” وهي ستكون نحو سنة 2030، حين سيختفي الهاتفُ المحمولُ وتطبيقاتُه الذكيَّةُ ليحلّ مكانها واقعٌ افتراضيٌّ ثلاثيُّ الأَبعاد يمكن معه إِرسالُ المعلومات وتَلَقّي أَجوبةٍ فوريَّةٍ عنها، في تكنولوجيا مذهلةٍ حقًّا تُقرِّب الـمسافة بين الدماغ وجهازِ كومـﭙـيوتر سيكون داخلَ النظَّارات على العينَين، فيمتزجُ العـالَـم الرقميُّ بالعالَـم الواقعيّ، وتنتقل المعلومات من الكومـﭙـيوتر الصغير جدًّا إِلى الدماغ مباشرةً بدون الحاجة إِلى قراءَتها أَو كتابتها على شاشة الكومـﭙـيوتر أَو الهاتف المحمول.
كلُّ ذلك بفضل تكنولوجيا “شريط الخلايا العصبية في الدماغ” (Neuron Lace). يَــبُــثُّ هذا الشريط أَشعةً خاصَّة من الكومـﭙـيوتر إِلى خلايا الدماغ مباشرةً ويتلقّى أَجوبةً عنها فيتصرَّف الكومـﭙـيوتر وَفْق ما يأْمر به الدِّماغ.
على أَنّ هذا يتطلَّبُ طبعًا دماغًا حاضرًا واعيًا ثاقبًا نابضًا بالتفكير حاملًا عقلًا حاضرًا واعيًا ثاقبًا نابضًا بالتفكير. أَما العقولُ الخاملةُ الكسولةُ المسترخيةُ في نظامٍ سياسيٍّ عَفِنٍ متحَجِّر، فكثيرٌ عليها هاتفٌ أَرضيٌّ وقرصٌ يدويٌّ، ولْتَبْقَ متخلِّفةً في تَحَجُّرها، ولْتَكُنْ خارج تطوُّرِ التكنولوجيا وإِلكترونياتٍ رقميةٍ أَوجَدَها عقْلٌ مشِعٌّ ليتلقَّفها عقلٌ مُشِعٌّ في شعبٍ مُشِعٍّ يستاهل أَن يكونَ ابن عصره وأَن يتطلَّعَ إِلى مستقبلٍ آتٍ من جهازِ كومـﭙـيوتر صغيرٍ في نَظَّارتَين على عينَين تَسمَعان وأُذُنَين تَـقرآن، وتكونُ سرعةُ الضوءِ مقياسَ التفكير الذي سيأْتي عندها، هو الآخَر، من كوكَب المستقبل.
هـنـري زغـيـب
www.facebook.com/poethenrizoghaib