واحدٌ من الذين احترفوا الغناء والتمثيل، استغلَّ صفحته الخاصة على الــ”تْــوِتِـر” – وما أَكثر الذين “يَــتَــوَيْــتَــرُون” هذه الأَيام من سياسيين وفنانين ومواطنين – كي ينشُرَ شتْمه الدولةَ لأَنها، قال، طالبَتْهُ بدفع ضريبة الدخل. وأَعلن أَن “الدولة تسرق الفنان، ولا تقدِّم له شيئًا”.
أَوَّلاً: مع تفهُّمي رأْيه، ليس هو مَن يختصر بشخصه الكريم جميع الفنانين، ولا يحقُّ له باسم الفنانين أَن يتّهم الدولة بالسرقة.
ثانيًا: يستسهل أَيُّ واحدٍ شتْمَ الدولة ومهاجمتَها لأَن الدولة شخصٌ معنويٌّ يعرف الشاتمون أَنه لن يُجيب عن مهاجماتهم.
ثالثًا: أَين أَخطأَت الدولة في مطالبتها المواطنين بدفْع ضريبة الدخل طالما أَنّ موارد الدولة، أَيِّ دولة، تبدأُ بجباية ضريبة الدخل؟
أَما السؤَال “ماذا تفعل الدولة للفنانين” فنغمة قديمةٌ باطلة لأَن الدولة ليست جمعية مار منصور للأَعمال الخيرية، وليست مؤَسسة كاريتاس للإِعاشات ومساعدة الفقراء، وليست منظّمة الــ”أُونروا لغوث اللاجئين والمحتاجين”.
صحيح أَنها مقصِّرة حتى الآن بإِصدار المراسيم التي تحمي الفنانين في صندوق تعاضد، أَو في جبايةِ ضريبةٍ من الفنانين الأَجانب الوافدين تغذّي الصندوق الموحَّد للفنان اللبناني، لكنّ هذا لا يبرّر شتْم الدولة لأَنها تحصِّلُ ضريبة الدخل من الفنانين اللبنانيين، وبينهم مَن يتقاضى مئات أُلوف الدولارات على ليلة واحدة من الغناء ولا يدفع ليرة لبنانية واحدة ضريبةَ دخلٍ على ما يتقاضاه. فكيف يحق لـمَن لا يدفع للدولة ضريبة عن دخله أَن يطالب الدولة بمساعدته وحمايته، وفي المعلومات أَن فنانين في العالم لم يدفعوا الضريبة عن دخلهم لاحقَتْهم الدولة تحت طائلة السجن بلا رحمة.
وصحيح أَن النقابات الفنية في لبنان ليست نقاباتٍ مهنيةً ملْزِمةً كنقابات المحامين والأَطباء والمهندسين تفترض امتحانَ دخولٍ لقبول طالبي الانتساب بناءً على شهاداتهم الجامعية، لكنّ في بعض النقابات الفنية من لا معيارَ لقبول انتسابه ما جعل فيها الأَصيل والدخيل حتى ليسمى فنانًا أَيُّ من حمَلَ بطاقةً بلا مقياس جامعي أَو تقيـيمي. فمَن يصنّف مَن في هذه الحالات؟
ويكون أَن معظم المغنّين يُؤَدُّون أَغاني لسواهم في الحفلات مستخدمينها اعتباطًا بدون أَن يدفعوا لجمعية المؤَلّفين والملحّنين (الساسيم) حقوقَ مَن يستخدمون كلماتهم أَو أَلحانهم. مع ذلك يشتُمُون الدولة لأَنها تطالبُهم بدفْع نسبةٍ ضريبيةٍ ولو ضئيلة على مدخولهم غير الضئيل.
إِنّ مَن ليس يُؤَدي واجباته تجاه الآخرين لا يحقُّ له، ولا بأَيّ حال، أَن يطالب بأَدنى حقوقه الشخصية.
هـنـري زغـيـب