في مسرحية ” الاســــم الأول” Le Prénom للكاتبَين أَلكسندر دو لابـاتُلـيــير Alexandre De La Patellière وماتيو دو لابــورت Matthieu Delaporte قصة رجلٍ أَربعيني ينتظر مولوده الأَول ويسعى مع أَنسبائه إِلى البحث عن اسم له. يقترح “أَدولف” فيرفضُونه لأَنه يذكِّـر بأَدولف هتلر. يقترح تشارلي فيرفضُونه لأَنه يذكّر بتشارلي تشابلن، ويتوالى عرضُه الأَسماءَ من دون بلوغ أَيّ قرارٍ لاسم الطفل، حتى كانت النتيجةُ سقوطَ جميع الأَسماء لأَن زوجته ولدَتْ… بنتًا لا
هذه الكوميديا التي انطلقَت سنة 2010 من مسرح “إِدوار السابع” في ﭘـاريس واستمرت أَسابيعَ طويلة وتَـحوَّلت سنة 2012 فيلمًا استقطب ملايـين المشاهدين، تطرح موضوعًا شعبيًا أَليفًا، غالبًا ما يعكس فيه الاسمُ مدلولَه، كما يَـحصل عادةً في أَسماء يَـختارها الأَهل لأَولادهم عند الولادة – استذكارًا لغائب أَو استحضارًا لقدّيس أَو تَشَبُّــهًا بزعيم – ويُلزمون أَولادهم بـها طيلة حياتـهم، فتكون مراتٍ عالَّة عليهم، أَو شؤْمًا، وربما بعضَ
هكذا نشهد حولنا في المجتمع مَن يحملون اسمًا لا يُشبه سلوكهم ولا شكلهم ولا تصرُّفهم، ويَكونون حديث الناس في المجالس والتداوُل. فهذا هاني وهو نَكِد، وهذا رياض وهو يابس، وهذه وردة وهي قميئة، وهذه هيفاء وهي سمينة، وهذا نخلة وهو قصير، وهذا بَاسِم وهو عابس، وهذه جمال وهي قبيحة، وهذا صالح وهو مؤْذٍ، وهذه مفيدة وهي أَنانية، وهذه كريمة وهي بخيلة، … وتتوالى الأَسماء التي لا تدل قطُّ على أَصحابها بل قد تكون عكس حقيقتـهم وشخصهم
وبالمقابل: قد يكون الاسم مُلهمًا أَو دليلًا أَو رمزًا يتناوله مبدعٌ فيحوِّله صيغة إِيحائية يَحيد بـها عن مدلوله ليَغدو بيتَ شِعرٍ أَو أُغنيةً أَو رمزًا يتعدّى الفردَ إِلى المطلَق في التداوُل.
أَذكر هنا بيت قيس ابن الملوَّح (مجنون ليلى):
“أُحبُّ من الأَسماء ما شابَهَ اسمَها… ووافَقَه أَو كان منه مُدانيا”
وأَذكر بيت سعيد عقل:
“أُبَرقِعُ اسـمَكِ بالأَسماءِ، أَخترعُ… فإِنما منكِ لا منـهُنَّ بي وَجَعُ”
وأَذكر بيت الأَخوين رحباني بصوت فيروز:
“سَـمَّى الجــيرِه… وسـمَّى الحي… ولولا شويِّه سَـمّاني”.
***
وتبقى الأَسماءُ مرهَفةَ الدلالة حينًا، فاضحةَ الدلالة حينًا آخَر، وفي الـحِـيـنَــين تظلُّ جامدةً حتى يُشعِلَ برقَها شاعرٌ أَو مبدعٌ فيجعلَها رمزًا، أَو شِعارًا، أَو مُشتهى تسميةٍ لـمَن يُـحبُّ ذاك الرمز أَو يـهوى هذا الشعار.
هـنـري زغـيـب