حرفٌ من كتاب- الحلقة 250
“قرنٌ من الصحافة في لبنان”
الأَحـد 6 كانون الأَول 2015

100 ans de la Presse au Liban            “الحريةُ اسمُها علَم. تراثٌ من دونه لا حياة للأَحرار. الإِعلام الـحُرُّ يعني أَنّ الحقيقةَ هي ما يَحدُث وما يُقال. الحقيقةُ مُلْكُ الجمهور، والرأْيُ الحـرّ هو الرأْيُ الحقيقيّ الـمتكوّن من معرفةِ كلّ الحقيقة وجميع الحقائق. الصحافةُ، كل حرفٍ فيها عُمْر. الحرف فيها يولد كلّ يوم شابًّا وكهلًا في آنٍ معاً. أَلا طال عُمْر الحرف وطال عُمْر الصِحافيين”.

          بهذه الرؤْية المهنية العالية يفتتح غسّان تويني كتاب “قرنٌ من الصحافة في لبنان بين 1858 و1958” الصادر سنة 2010 عن “المؤَسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية” في 246 صفحة حجمًا موسوعيًا كبيرًا، أَنيقَ الطباعة، جميلَ الإِخراج، غنيَّ الفصول، بدءًا من ثَــبْــتٍ مفصَّلٍ للصحف اللبنانية من 1858: تاريخِ صدور “حديقة الأَخبار” في بيروت لخليل الخوري (أَوّلِ جريدة عربية في العالم العربي) وانتهاءً بسنة 1958، مع صورة العدد الأَوّل لكُلّ جريدة ومجلّة، وهذا إِرثٌ فريدٌ لتأْريخ صحافتنا.

          بعده فصل “الكاريكاتور في الصحافة اللبنانية” منذ أَول كاريكاتور صحافي سنة 1908، مروراً بالعهد العثماني، فعهد الانتداب الفرنسي، وأَبرزُه في “الأَحرار” لجبران تويني سنة 1926 (قبل 7 سنوات من تأْسيسه “النهار” سنة 1933). ومن أَبرز رسّامي الكاريكاتور عهدئذٍ مصطفى فروخ ورضوان الشهال. ومع عهد الاستقلال برزَت “الصياد” لسعيد فريحة و”الدبُّور” ليوسف مكرزل، وبين أَبرز أَعلام الكاريكاتور الصحافي: خليل الأَشقر وجان مشعلاني وﭘــيار صادق.

          وخصَّص الكتاب فصلاً لـ”الإِعلان في الصحافة اللبنانية” منذ 1922 مع “الصحافي التائِه” لاسكندر رياشي، وختَمَ فصولَه فصلٌ لـ”أَعلام الصحافة اللبنانية” مع صُوَرِهم ونبذةٍ عنهم وَفْق تاريخ ولادتهم، بدءًا من صاحب “الجوائب” الشيخ أَحمد فارس الشدياق (المولود سنة 1804) وانتهاءً بصاحب “المكشوف” الشيخ فؤاد حبيش (المولود سنة 1904).

          وفي الكتاب ملاحقُ لتعريفات الصحافة ومصطلحاتِها، ولائحةٌ بوكالات الأَنباء، وثَــبْـتٌ بإِصدارات الصحافة اللبنانية في مصر وفرنسا وتركيا وبريطانيا والبرازيل والأَرجنتين والمكسيك والولايات المتحدة الأَميركية.

          وكانت “المؤَسَّسة اللبنانية للمكتبة الوطنية” في تموز سنة 2010 أَقامت معرض “100 سنة من الصحافة في لبنان” وسْط سوق العجَمي في بيروت إِبان أَنشطة “بيروت عاصمة عالـمية للكتاب”، “رِفْقَةَ دربٍ بين الصحافة والرأْي العام”، كما سمّتْها رندة الداعوق (رئيسة مجلس الإِدارة في “المؤَسسة اللبنانية للمكتبة الوطنية”)، وهي “رِفقةُ دربٍ طويلةٍ وغنيةٍ جعلَت من لبنان مدرسةً في هذه المهنة، فلا كلامَ على الصحافة العربية تأْسيساً وتطويراً دُون أَثَــر اللبنانيين في التأْسيس والتطوير”.

          أَهميةُ هذا الكتاب “قرنٌ من الصحافة في لبنان بين 1858 و1958” أَنه في مجلَّدٍ واحدٍ كبيرٍ جَمع جُـلَّ صحافـتـنـا اللبنانية التي يَثْـبُتُ أَنها رائدةٌ أُولى في نُشدانها التحرُّرَ وتقديمِها شهداءَ على اسم الحرية، وأَنها رائدةٌ أُولى في اللغة الصحافية والإِخراج، ورائدةٌ أُولى في أَعلامها الذين توَزَّعوا من لبنان إِلى العالم فاستــناروا وأَنــاروا، وكانوا مناراتٍ لا تزال أَنوارُها حتى اليوم ذاتَ أَصداءَ راسخةٍ في ذاكرة الصحافة الـحُرّة ساطعةً سُطوعَ شمس لبنان.