بعد السبعة الأَجزاء الحاملةِ محاضراتٍ منوَّعةً كان استضافَها منبرُ “مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU)، صدر هذا الأُسبوع كتاب “هِبَةُ الأَمس إِلى ذاكرة الغد” جزءاً ثامناً في سلسلة “مرايا من تراث لبنان“، وفيه محاضراتُ الموسم الفائت (2014 – 2015)، ويذهب تقدمةً إِلى المكتبات العامة والجامعية والبلدية والمؤَسسات المعنية والمراكز الثقافية، وإِلى كلّ مَن يطلُبه من إِدارة “مركز التراث” في الجامعة، عدا صدورِه إِلكترونياً في موقع “المركز” والجامعة، تَعميماً لمادته التراثية وتوسيعاً مساحةَ قرائها زوّارِ الموقع في لبنان والعالم.
في هذا الجزءِ الثامن إِطلالةٌ على الأَخوَين أَحمد ومحمَّد فليفل انتدى فيها محمد أَمين فرشوخ ومحمد كريِّـم وأَحمد قعبور عن مرحلةٍ كانت إِبّانها أَناشيدُ الأَخوَين فليفل تتردَّد في لبنان والدول المحيطة حاملةً أَصفى الشِعر وأَعذبَ الميلوديا ورسالةً وطنية وتثقيفية.
تليها إِطلالةٌ على الزّجل اللبناني في نَدوةٍ مع عدنان حيدر وجوزف أَبي ضاهر وموسى زغيب، أَضاؤُوا فيها على الزّجل إِرثاً وطنياً يتفرَّد به لبنان في محيطه، تَــبَـنَّــتْـه منظمةُ الأُونسكو سنة 2014 على “اللائحة التمثيلية للبشرية” ضمن اهتمامها بــ”حفظ إِرث البشرية غيِر الماديّ الحيّ أَو الـمُهدَّدِ بالزوال”.
وفي هذا الجزء أَيضاً ندوةٌ عن الأَديبة اللبنانية ميّ زيادة، بمشاركة سهيل مطر وغاريوس زيادة تحدّثا عن ميّ التي كانت في زمانها ثورةً على التقاليد والكبْت والتقَوقُع، وتركَت للأَدب العربي كتاباتٍ رائدةً تَجعل للمرأَة العربية رِفعَةَ رأْسٍ وشرَف.
ومع غياب سعيد عقل، كان له في “مركز التراث اللبناني” لقاءٌ أَحْــيَــتْه إِمِلي نصرالله وهند أَديب في نَدوةٍ ركَّزت على حضوره الساطع، تحيةً تَليقُ به وبشِعرِه وبما ترك للبنان والأَدب من إِرثٍ وفيرٍ تَجدُر المحافظةُ عليه بـنَشْره من جيلٍ إِلى جيل.
ومن زمن العـزّ في لبنان استعادَ “المركز” تاريخَ الحرير بنَدوةٍ شارك فيها بطرس لبكي وميشال ليُّون وجورج عسيلي، متحدِّثين عمَّا كان للحرير من خيراتٍ على اللبنانيين والصناعة اللبنانية والزراعة، في فترةٍ بلَغ إِبّـانها مدخولُ الحرير نصفَ الناتج الوطني، وكان من بعض فضائله دخولُ المرأَة اللبنانية حقلَ العمل في إِيقاعٍ يوميّ.
وفي الكتاب أَيضاً إِطلاقُ مجلّة “مرايا التراث” الأَكاديمية الـمُحَكَّمة التي يُصدرها “مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأَميركية، حاملةً مواضيعَ ودراساتٍ معمَّقةً حول شؤُون التراث وموادِّه وقضاياه، صدَر منها حتى اليوم عددَان: الأَول (خريف 2014) وفيه ملفٌّ عن التراث اللبناني الشفَويّ بين المرويّ والمحكيّ والموسيقيّ، والآخَـر (ربيع 2015) ملفٌّ موسَّع عن لبنان في الأَرشيـڤ الوطني والدولي.
جميعُ هذه المواضيع التراثية الغنية يضمُّها هذا الجزءُ الثامن “هِبَةُ الأَمس إِلى ذاكرة الغد” في سلسلة “مرايا من تراث لبنان“، صدَر هذا الأُسبوع ليكونَ شُـعاعاً آخَرَ في شعلة تراث لبنان البهيّ الثريّ النقيّ.