الآليَّة!
مشغُولُون اليوم بالـ”آلــيَّــة”!
لا تُؤَاخذونا. نحن مشغُولُون اليوم بالـ”آلــيَّــة”!
ما أَجمل أَلاّ تكونَ عندنا مشاكلُ في الوطن، وأَن يكونَ وطنُنا بأَلف خيرٍ وخير، ونحن… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
رجلٌ متزوّج من خمسين سنة، ويستدعي زوجته قائلاً: “تعالَـي نتَّفقْ مِن جديد على آليةِ تعامُلِنا معاً”.
أَطنانُ الزبائل تنشُر سمومَها في الشوارع ومن الشوارع إِلى البيوت، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
الجرائمُ تَـنـتـشِـر في المدُن والشوارع بوقاحةِ مَن يَرتكب ولا يخافُ العقاب، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
جيشُ لبنان يَستميتُ في حماية حُدودِنا من وحش الإِرهاب ونحن نَـبـحث عن قيادة له و… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
جميعُ اعتداءات إِسرائيل لم تُهدِّدْ لبنان كما يُهدِّدُه اليوم مُعطِّـلو مُؤَسساته، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
نجاحاتُ اللبنانيين في العالم تَـبْـهَـر العالَم، ونُتْنُ بعض السياسيين اللبنانيين يُـخَــيِّب العالَم، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
“كوجيتو” ديكارت “أَنا أُفكّر إِذاً أَنا موجود” جعلَه سياسيون لبنانيون “أَنا أُعطِّل إِذاً أَنا موجود” باسم بَحثهم عن الـ”آلية”.
الوضعُ الاجتماعي والأَمني والصحي والاقتصادي في انحدارٍ مخيف، وفي السياسيين اللبنانيين مَـن لَـهُ تَـرَفُ التفكير بالـ”آلية”.
حرائقُ محيطنا تَقترب منا شِمالاً وشرقاً وتترصَّدُنا جنوباً، وحرائقُ الداخل تتهدَّدنا من كلِّ نوع، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
نارُ المصير تنِصُّ في لبنان كما يَــنِصُّ الجمْر في نار الحرائق، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
لبنان البلدُ الوحيد في العالم يترنَّح من دون رئيس بعد 14 شهراً، وبعضُ سياسيّــيه مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
دولٌ كثيرةٌ تُحذِّر رعاياها من السفر إِلى لبنان بسبب ما فيه من أَخطارٍ على سلامتهم، ونحنُ… مشغُولُون بالـ”آلــيَّــة”!
ومع الأَلم العميق من طعنةِ هذه الدول في سِمعة لبنان الدولية، ثمة أَلَـمٌ أَعمَق: أَن نَسمع يوماً دولةً تُصْدِرُ تحذيراً يجيء فيه:
“نُحذِّر رعايانا من السفر إِلى لبنان. ولِـمَن يُضطَـــرُّ إِلى هذا السَّفَر نَـنْـصَحُه احتياطاً أَن يكون في حقـيـبـتِـه ما يلي:
- سكّينٌ ليدافع بها في حال هاجمَه مجرِمٌ حاملٌ سكيناً.
- كمّامةٌ يَضَعُها على أَنفه عند عبور تلال النفايات في المدينة.
- مجموعةُ نقودٍ يلبّي بها عند إِشارات السير مستعطيةً حُبلى تحمل طفلاً وتجرُّ اثنين وتستعدُّ لوضع الرابع.
- حبوبٌ مهدئةُ الأَعصاب تساعدُ على قضاء ساعاتٍ سُــلَــحْــفاتــيــةٍ مطَّاطةٍ في زحمة سَـير تَقْطَع الظهر.
- خُوذةٌ لــتَــجَــنُّب ضرباتٍ قد يوجِّهُها مُـعَــنِّفٌ إِلى زوجته أَو صديقته أَو عابـرةٍ تقدَّمت تُنقِذُ من بينِ يديه امرأَةً أَو طفلاً.
- بَـخّاخُ رَبـو يُساعد على التنفُّس في أَماكنَ تَعَصُّ بحرائق النفايات ونفثات دخان المعامل في الزوق وشكا وسواهما”.
***
جميعُ هذه الأَخطار تُداهمُنا، وعندنا سياسيُّون يفَكِّرون بمصالحهم وحقوقهم ومكتسباتهم السياسية.
ما أَهنأَ وَطَــنَــنَا: يعيشُ في كوكبٍ هانئٍ مرتاحٍ لا مشاكلَ فيه ولا همومَ ولا أَخطار.
فاعمَلوا معروفاً ولا تُـزْعِجونا بهمومكم: إِننا مشغُولُون جدّاً بالبحث عن… “آلــيَّــة”!