في 2 تموز 2007 تلقى رئيس مجلس الإِنماء والإِعمار جواباً قانونياً من هيئة التشريع والاستشارات أَنّ في إِمكان الدولة بيعَ الأَرض القائم عليها معمل الزوق الحراري.
وفي السنة ذاتها صدرَت دراسةٌ علمية عن الجامعة الأَميركية تفيد بأَن المنطقة التي يقوم عليها معمل الزوق الحراري من أَسوإِ المناطق المستنزَفَة بيئِياً، بسبب انبعاثاتٍ غازيّةٍ سامةٍ من المعمل تنفلش على دائرة من 20 كلم بما بين 40 و200 طن يومياً.
وفي أَدراج مجلس الوزراء كتاب من وزير الطاقة يفيد بهبتَين للدولة من الصندوق العربي للإِنماء الاقتصادي والاجتماعي وأُخرى من الصندوق الكويتي قيمتُهُمَا معاً 220 مليون دولار لتأْهيل معمل الزوق الحراري. وعن مستشفى سيدة لبنان أَن حالات السرطان والأَمراض الصدرية والربو تفاقمت حتى أنها سنة 2014 بلغت 38 حالة سرطانية و1300 حالة ربو.
وقبل سنوات رفع اتحاد بلديات كسروان الفتوح دراسة إِلى المراجع المختصة وردَ فيها أَنّ ثمن متر الأَرض حيث معمل الزوق الحراري 5000 دولار أَميركي، وبما أَن في الإِمكان بيعَها يكون ثمنها 900 مليون دولار يقوم عليها بديلاً مشروعٌ سياحي يحاذي منطقة نهر الكلب الأثرية السياحية. وفي دراسة الاتحاد اقتراحُ نقل المعمل من الزوق وإِنشاءُ معمل جديد على الغاز في منطقة سلعاتا الصناعية لأَن الغاز قريب منها في دير عْمار، فلا تكاليف باهظةً لـمدّ الأَنابيب، ولا تبلغ كلفةُ المعمل الجديد ربعَ القيمة التي تحصّلُها الدولة من بيعها أرضَ معمل الزوق. ورأَت الدراسة أَنْ إِذا تعذَّر نقْلُ المعمل من الزوق يمكن استبدالُه بمعمل جديد على الغاز، أُسوة بقرار مجلس الوزراء استبدال معمل الجيّة الحالي بمعمل جديد. وإِذا صعُبَ ذلك يمكن في معمل الزوق وضْعُ فِلترات خاصة لتنقية الانبعاثات الغازية السامة، ووضعُ آلات تراقب وتتابع الانبعاثات من كلّ مرجل بخاري، وآلاتٍ أُخرى تراقب جودة الفيول كي لا تزيد نسبة الكبريت فيه عن 1%، وتجديدُ الآلات العاملة حالياً والقيامُ بالصيانة الدورية طالما يتوافر مال الهبتين العربيتين.
كيف تواجه الدولة هذا الواقع؟
أَولاً: لا تزال الأَعمال جاريةً في توسيع معمل الزوق لإِنشاء 11 داخوناً جديداً تضاف إلى الدواخين الثلاثة الحالية.
ثانياً: سحَبَ وزير الداخلية قرارَه بوقْف أَعمال البناء التوسُّعي مع أَنه بدون ترخيص وبدون دراسة الأَثر البيئي، ووزارة العدل أَكدت قانونية قرار رئيس بلدية الزوق بوقف أَعمال البناء.
ثالثاً: أَقرّ وزير الصحة بأَنّ المتضررين من هذا الواقع يبلُغون نحو مليونَـي مواطن، وأَفادته وزارة الطاقة بأَنّ كلفة الفِلترات الضرورية تبلغ 100 مليون دولار، وهي أَقلُّ من نصف المال المتوفِّر هبةً، وأَكثرُ بكثير من قيمة الفاتورة الصحية التي تتكبّدها الوزارة سنوياً.
رابعاً: لم تكلِّف الحكومة، ولا وزارةُ البيئة، أَيةَ جهةٍ وضعَ دراسة الأَثر البيئي لهذا الواقع وضرورات معالجته.
خامساً: تعترفُ الدولة بتوافر هذه المخاطر، وبتوافر الأموال، لكن الإِرادة السياسية غير متوافرة.
هكذا إِذاً: كلُّ هذا الموت معالجتُهُ تنتظر توافر الإِرادة السياسية في دولةٍ تبحث عن الإِرادة. ومن الآن حتى تجد الدولة هذه الإرادة، ستبقى الانبعاثاتُ السامةُ تطالع المواطنين يومياً وتتغلغل في رئاتهم يومياً كلّما فتحوا شبابيك بيوتهم، وكلّما مروا على الأوتوستراد شمالاً أَو جنوباً يتصيّدهم قَــنَّــاصُ معمل الزوق: حالياً بثلاثة دواخين وقريباً بأَربعة عشر داخوناً.
عشتُم، وعاشت البيئةُ السوداء في ربوع لبنان الأَخضر.