“مع أَنّ مساحته لا تتعدّى نصف مساحة مقاطعة ويلز، ففيه تنوُّعٌ فريدٌ ذو غنىً نادر”.
بهذه العبارة صدَّر مدير منشورات “دليل بْرادْتْ السياحي” الجُزءَ الصادر عن لبنان سنة 2012 في 290 صفحة حجماً وسطاً، من سلسلة “بْرادْتْ” الشهيرة التي تُصدر كتُباً سياحيةً عن معظم بلدان العالم.
ويُكمل الناشر: “في لبنان بعضُ أَقدَم المواقع في التاريخ، بينها مرافئُ صور وصيدا وبيبلوس، وأَحدثُ المواقع كما في بيروت العصرية بمطاعمِها المميَّزة وحياتها الليلية وفسيفساء سكّانها الغنية. وفي عاصمته الثانية طرابلس أَسواقٌ من القرون الوسطى ترنو إِليها من علٍ قلعةٌ صليبية، وإِلى الشرق قممٌ ثلجيةٌ يَخترقُها وادي قاديشا بنهره المتأَفعن وشلالاتِه المندفعة من عَلواتٍ تُغري هواة التزلُّج وتسلُّقِ الجبال، كما يُغري بحرُ لبنان سيّاحَ الشواطئ والهوايات المائية. إِن منشورات بْرادْتْ تفخَر بأَن تقدِّم لقرّائها هذا الدليلَ المفصّلَ عن لبنان الثقافة والحضارة والسياحة، وفيه صفحاتٌ من التاريخ تَجعل السياحة إِليه متعةً ورحلاتٍ تثقيفية”.
لو كان هذا الكلامُ صادراً عن لبناني لكانَ عادياً أَن يرى لبنان بهذا الاندهاش. غير أَنّ قيمتَه أَرفعُ بأَن يَصدُر عن كاتبٍ بريطاني: ﭘـُـول دُوْيْلْ، هاوي تصوير ٍورحلاتٍ سياحية، متخصِّصٍ بالشرق الأَوسط، زار لبنان والأُردن وسوريا وسواها ووضعَ عنها بقلمِه وكاميراه كتُباً سياحية هي اليوم بين الأَكثرِ مصداقيةً في سلاسل الكتُب السياحية.
وهو يستهلُّ كتابه بالإِشارة إِلى أَنّ لبنان يُثبتُ مقولةَ “الحجم ليس الأَساس”، لأَنّ للبنان مساحةً ضئيلةً لكنها تجذبُ السياحَ إِلى مقاصدهم من عشق الطبيعة إِلى عشق التاريخ. وصحيحٌ أَنّ لبنان شهِدَ حرباً قاسيةً عنيفةً مدمِّرة، لكنّ بيروت في السنوات الأَخيرة شهِدَت نهضةً جعلَت لبنان مقصَداً سياحياً نَوَّهَت به معظمُ منشورات السياحة في مختلف لغات العالم.
بهذه العين العاشقةِ الجمالَ التقَط قلمُ ﭘـُـول دُوْيْلْ وكاميراه جمالاتِ لبنان، وجعل كتابَه من قسمين: الأَوّل للمعلومات العامة وملامحَ سريعةٍ عن جغرافيا لبنان وتاريخه ومناخه ونظامه السياسي واقتصاده واللغات فيه والأَديان والتربية والثقافة، ومعلوماتٍ تفيد السيّاح من عناوينَ وتواريخَ وأَماكنِ جَذْبٍ سياحي، وفي القسم الآخر ستةُ فصولٍ تَناول أَوَّلُها بيروت بمعالمها النهارية والليلية، وثانيها جبلَ لبنان بين بيت مري وبرمانا وبسوس ووادي أَدونيس وجعيتا وجونيه وجبيل وعمشيت وراشانا، وتناولَ الفصلُ الثالث منطقة الشمال بين البترون وطرابلس وقاديشا وبشري وإِهدن والأَرز، والفصلُ الرابع تناولَ البقاع بــزحلته وكُرومه ودَوَاليه وبعلبك وعنجر والهرمل، والفصلُ الخامس للشوف بداموره ودير القمر وبيت الدين وبعقلين والمختارة ومحميّة أَرز الشوف، ويختم الكتابَ الفصلُ السادس عن الجنوب متوقّـفاً في صيدا وجزين وصور وضواحيها.
ويزخَر الكتابُ بصُوَرٍ من مدُن لبنان ومواقعه وخرائطَ جغرافيةٍ وسياحيةٍ تسهِّل زيارةَ السائح وتجعلُها رحلةً جماليةً إِلى وطن الجمال طبيعةً ومعالِـمَ أَثريَّةً وشَعباً مِضيافاً طيِّباً وهي عناصرُ تضعُ لبنانَ السياحة بين طليعةِ المواقع والوجهات السياحية في العالم.