حرفٌ من كتاب- الحلقة 163
“الـمَعالم الأَثرية في لبنان”- مجموعة باحثين
الأَحـد 6 نيسان 2014

Vestiges archeologiques

          كلما صَدَرَ كتابٌ عن لبنانَ التاريخ أَو الآثار كتبَه اختصاصيُّون غير لبنانيين، يتبيّن كم أَرضُنا غنيةٌ بكنوز الحضارة، لا مُغالاةً من لبناني قد تَجمَح به عاطفتُه إِلى الـمُغالاة بل إِبرازَ حقائقَ علميةٍ تاريخيةٍ موثَّقةٍ بما في صدْر أَرضنا من شواهدَ دامغة.

          هكذا كتابُ “الـمعالم الأَثرية في لبنان” الصادر بالفرنسية سنة 2004 في 216 صفحة حجماً كبيراً عن منشورات “إِديسود Edisud” في فرنسا ومكتبة أَنطوان في لبنان، حاملاً أَسماءَ ثلاثةِ مؤَلِّفين: جان ماري دو روبلِسّ، دومينيك ﭘـييرِي، وجان باتيست يون.

          مقدِّمةُ الكتاب تحليليةٌ تاريخيةٌ بدأَتْ من جذور الإِشعاع الفينيقي مروراً بفتوحات الإِسكندر الكبير فالمرحلة المسيحية والسيطرة البيزنطية، فالفتح العربي فالمرحلة السلجوقية فالمرحلة الصليبية وما نَجَمَ عنها. وخصَّصت المقدمة حيِّزاً موسَّعاً لإِرنست رينان وكتابه الشهير “بعثة في فينيقيا” حصيلةِ مكتشفاتِه خلال إِقامته سنتَين في لبنان (1860-1861).

          بعد المقدمة فُصول سبعةٌ عن المعالم الأَثرية في مُدُنـنا التاريخية.

          البداية من صُوْر واكتشاف الأُرجوان وقبر أَحيرام ومحيط صُوْر من رأْس العين إِلى أُمّ العُمُد إِلى قلعة الشقيف، انتقالاً إِلى صيدا والملاحة الأُولى فيها مع الروَّاد الفينيقيين ومعبد أَشمون وقلعة البر وقلعة البحر ومحيط صيدا من قصر بيت الدين إِلى المعبد الروماني في شحيم، وصولاً إِلى بيروت وزلزال 551 وما خلَّفه ومعالم التل القديم والسراي الصغير وكنيسة القديس يوحنا الصليبي والحمّامات القديمة بلوغاً إِلى الفترة الفرنسية ومتحف بيروت وناووس أَحيرام ومتحف الجامعة الأَميركية وما حَول بيروت من القناة الرومانية وقناطر زبيدة في الحازمية ونقوش نهر الكلب وقلعة بيت مري، ثم ها هي آثار بيبلوس والأَبجدية والقلعة التاريخية وكنيسة مار يوحنا مرقس ومحيط جبيل من كنائس إِدّه وبحديدات والمشنقة ويانوح والعاقورة ووادي نهر أَدونيس، وانتقالاً إِلى بعلبك ومعابد جوﭘـيتر وباخوس وﭬـينوس ومحيط بعلبك من دير مار مارون إلى نهر العاصي وقاموع الهرمل، ثم إِلى عنجر ومحيطها من مجدل عنجر إِلى معابد نيحا ودير العشاير وعين حرشِة، وانتهاءً بطرابلس والمينا وقلعة سان جيل وكنيسة مار يوحنا والجامع العُمَري وحمّام عز الدين ومحيط طرابلس من قلعة المسيلحة ودير البلمند ومعالم أَميون وقلعة بزيزا وآثار عكار العتيقة.

          ولا نُغلق الكتاب إِلاّ بعد ثَـبْـتٍ مفصَّل بالمفردات وترجمتِها، وخارطةٍ بالمحطّات التاريخية اللبنانية الرئيسة منذ سنة 3000 قبل الميلاد – زمَنَ تَشَكُّل المدُن الكبرى على الشاطئ اللبناني – وُصولاً إِلى ما تَبَقّى اليوم من المعالم الأَثرية في تلك المدن اللبنانية الكبرى.

          “الـمَعالم الأَثرية في لبنان” كتابٌ مَرجعيٌّ مُوَثَّق، غنيٌّ بالوثائِق التاريخية والجغرافية والبيانات والأَرقام واللوائح، وضَعَه ثلاثةُ خُبراء في الآثار، وخَلُصوا في نهايته إِلى أَنّ أَرضَ لبنان بين أَندَر بقاع الأَرض قيمةً حضاريةً، وإِرثاً تاريخياً في عُهْدة أَبنائِه عليهم أَن يعرفوا كيف يُحافظون عليه: صدىً من الماضي لصوتِ الحاضر وتراثِ الأَجيال اللبنانية الآتية.