حرف من كـتاب- الحلقة 159
كـتاب “الدﭘـلوماسية اللبنانية – معايشةٌ شخصية”- السفير ظافر الحسن
الأَحـد 9 آذار 2014

Diplomatic autobiography

مُربكٌ، في بِضْع دقائق، إِيجازُ عشْرة مجلداتٍ ضخمة من نحو 5000 صفحة، تعرض مسيرةً دﭘـلوماسيةً كاملة لإِحدى وعشرين سنةً في أَصعب مراحل لبنان الحديث.

هي هذه مسيرةُ السفير ظافر الحسن بين خريف 1978 ونهاية 1999، خطَّها في هذه العشرة المجلّدات الصادرة أَخيراً لدى منشورات “دار النهار” في طبعةٍ أَنيقةٍ مُفَهرسةٍ موثَّقةٍ نُصوصاً وبياناتٍ ورسائلَ وصُـوَراً وفهارسَ وملاحقَ ومقتطفاتٍ صحافيةً شاهدةً على النصوص.

لا يمكن في هذه الدقائق الضئيلة إِلا عرضُ عناوين المجلّدات إِطلالةً على نَواصي هذه المسيرة الحافلة بالمتغيّرات التاريخية والثوابت اللبنانية للبنانِـيّ حملَ رسالةَ وطنه، بكل وفاءٍ ومهنيّة، سفيراً فـأَميناً عاماً للخارجية.

هكذا عرض في المجلَّدات الثلاثة الأُولى خدمتَه في المملكة العربية السعودية اثنتي عشرة سنة بَدءاً من 1978 متابعاً الأَزمة اللبنانية من الشرفة السعودية، حتى نقْله إِلى الإِدارة المركزية سنة 1990، وهو ما يحمله المجلَّد الرابع حتى 1992 وعنوانه “من أَزمة بعبدا إِلى أَزمة مرج الزهور”، ليليه المجلّد الخامس عن سنتَي 1993 و1994 وعنوانه “من مواجهة التحديات إِلى زوال الأَوهام”، وفيه بَدءُ خدمة السفير ظافر الحسن أَميناً عاماً لوزارة الخارجية.

في المجلّد السادس، لسنتَي 1995 و1996، عنوانٌ لافت: “بين عام لبنان الأُوروﭘـي وعام التفاهم” (“تفاهم نيسان” بعد عملية “عناقيد الغضب”)، ويمر في هذا المجلّد السينودُس من أَجل لبنان، يفصّله في توسُّع موثَّق المجلّدُ السابع لسنة 1997 كاملة، وفيه عودة الإِسكوى إِلى بيروت، وزيارةُ البابا وإِعلانه الإِرشادَ الرسوليّ رجاءً جديداً للبنان.

ولأَن الأُمور آلت إِلى هدوءٍ واستبصارِ طريق، عَنْوَنَ السفير الحسن مجلّده الثامن “عام بصيص الأَمل” للسنة الكاملة 1998 وما جرى فيها من شؤُون دﭘـلوماسية وسياسية.

وحمل المجلّد التاسع خمس سنوات (1994 – 1999) ضمَّت الدورة التاسعة والأَربعين للأُمم المتحدة ووفد لبنان برئاسة الرئيس رفيق الحريري، ثم جولات السفير الحسن أَميناً عاماً للخارجية إِلى ﭘـولونيا ورومانيا وهنغاريا وتشيكيا والسويد والهند والصين وكوبا وﭬـنـزويلا والتشيلي والأَرجنتين واليابان ومصر واليونان وسواها.

ويختم السفير ظافر الحسن موسوعته الدﭘـلوماسية الضخمة بالمجلّد العاشر عَنْوَنَهُ “ولادة جديدة” لسنة 1999 التي في نهايتها أُحيل إِلى التقاعُد، وشعَر بفرح الاستراحة من مسيرة دﭘـلوماسية طويلة، عبَّر عنها، وهو الأَديب والشاعر قبل السفير، قائلاً: “آن للمحارب أَن يرتاح، وللمسافر أَن ينفُضَ عن سِـمَتِه غبارَ السفر، ويَخْلُدَ إِلى نفسه منصرفاً بعد طول غيابٍ واغترابٍ إِلى ذاته، لعلّه في الهزيع الأَخير من ليل هذا الوجود يضعُ نفسَه وجهاً لوجهٍ أَمام آلاف الأَسئلة التي ما انفَكّ يؤَجّل أَجوبتها. وبذلك يكونُ تقاعدي ولادةً جديدة”.

السفير ظافر الحسن، في هذه العشْرة المجلدات، يتركُ للذاكرة الدﭘـلوماسية اللبنانية إِرثاً نادراً، حبَّذا لو يَقوم بمثْلِه كُلُّ سفير، فيتَكوَّن لدينا ذُخرٌ ولا أَغنى لـتـأْريـخ تاريخ لبنان في العصر الحديث.