من الأُدباء من يُتوِّج حياته الأَدبية بصدور مؤلّفاتِه الكاملة مجموعةً في مجلَّدٍ أَو أَكثر.
ومنهم من يُتوِّج مسيرتَه بِـما كُتِب عنه طيلةَ سنواتٍ صادراً في مجموعةٍ كاملة.
وإِنها، في الحالتين، غبطةٌ كُبرى للأَديب.
هي هذه حالُ الأَديب اللبناني أَمين أَلبرت الريحاني في كتاب “أَمين أَلبرت الريحاني في ميزان النقد الأَدبي” الصادرِ حديثاً في حـجمٍ موسوعيٍّ كبيرٍ من 600 صفحة عن “منشورات جامعة سيدة اللويزة” حاملاً نُصوصاً في العربية والفرنسية والإِنكليزية وضعها عن الريحاني 118 كاتباً من 14 دولة (أُستراليا، البحرَين، البرازيل، بريطانيا، روسيا، السعودية، سوريا، العراق، فرنسا، ﭬــنزويلا، لبنان، مصر، الهند، الولايات المتحدة)، وتوزَّعَت كتاباتُهم عنه على 91 بحثاً ومقالاً ونقداً، وعلى 56 مقطعاً من رسائلَ وكلماتٍ إِليه في مناسباتٍ عدَّة أَو لدى صدور كتابٍ من مؤَلَّفاته.
تتصدَّر الكتابَ مقدمةٌ للرئيس الدكتور غالب غانم، تليها خمسةُ فصولٍ حول نصوص الريحاني الشعرية، دراساته النقدية، كتاباته الأَدبية، كتاباتِه المسرحيةِ واقـعـيِّـها والذِّهنيّ، وبعدها مقاطعُ من مراسلات الأُدباء وكتاباتِهم إِليه، وتكتمل أَكاديميّةُ الكتاب بِـثَـبْـتٍ مفصَّلٍ عن مؤَلّفاتِ الريحاني المنشورةِ ومقالاتِه ومقدِّماتِه لكُتُب الآخَرين وبُـحُوثِه في الـمجلاَّت الـمُحَكَّمة ومُحاضراتِه ومقابلاتِه وما ذكَرَتْ عنه مؤَلفاتٌ أَو استَشهدَ به كُتَّاب، ثم ما وَسَـمتْه به ريشاتُ الرسامين، وختاماً سيرتُهُ ومَسْردٌ مفصَّلٌ للمشاركين في الكتاب أَعلاماً ومعالِـمَ وعلامات.
فصَّلتُ مفاصِل الكتاب لأَعني أَنّ أَكاديميةَ نَشْره مِثالٌ مُـهنَدَسٌ بـإِتقانٍ لأَيِّ مَن يُصدر كتاباً مُـماثلاً في مُـجلَّدٍ لنتاجه أَو لِـما صدَر عن نتاجه.
بـهذا يُتَوِّج الأَديبُ حياتَه الأَدبية فـيَـبقى ضوءاً دائمَ النُّور لا يُطفِئُه غَـدْرُ الأَيام.
هكذا أَمين أَلبرت الريحاني: بين رسالة ميخائيل نعيمه سنة 1966 وفيها: “لو كان عمُّكَ الأَمين حيّاً لَـرَبَّتَ على كتفكَ وقـبَّل وجنتَيكَ وقال لكَ باعتزاز: “بوركْتَ يا ابن أَخي، حسْبُكَ أَن تتعشّقَ الكلمةَ لتَكونَ والشعرَ على موعد”، وشهادةِ سعيد عقل: “ليسَت هي المرةَ الأُولى نُعجَبُ فـيـها بـهذا القلمِ الذي باكـراً لَفَتَنا إِلى نُضْجه ولبنانيَّته وتَطَلُّعِه إِلى البناء”، وشهادةِ توفيق يوسف عوّاد: ” الأَمينُ الثاني ناقدٌ يَسبر أَغوار الكلمة ويكشف أَسرارها بموهبة لافتة”، وكي لا أُطيلَ الاستشهادات بأَقلام كـبار آخرين في الأَمين الثاني، أَرى أَنّ كتاب “أَمين أَلبرت الريحاني في ميزان النقد الأَدبي” مثالٌ ساطعٌ لتتويج حياةِ الأَديب في مجلَّدٍ لائقٍ يـتـمنَّاه كلُّ أَديبٍ ويُـحبُّه، كما يُـحِبُّ رحلتَه الليليةَ قمرٌ رومَنْسيٌّ من شرفة الفـريـكة إِلى قمَّة صنين.
هـنري زغـيب email@old.henrizoghaib.com