طارِدُو الأَشباح
السبت 8 حزيران 2013
-797-
لم يَدخُل شينزو آبي مكتبَه في السراي حتى اليوم مع أَنه انتُخِب رئيساً لـمجلس الوزراء الياباني في 26 كانون الأَول 2012.
عن وكالة الأَنباء اليابانية “كيودو” أَنّ الرئيس “منذ خمسة أَشهر لم يَزُر السرايَ بَعد، لاقتناعه بأَنّ أَشباحاً تُحوِّم داخل غرفه، يَعزُوها البعض إِلى أَرواح جُنودٍ تواطأُوا مع انقلابٍ فاشلٍ ضدّ النظام سنة 1936”. لذا يتوجَّس الرئيس من دخول مكتبه مع أَنّ الدائرة الحكومية الإِعلامية أَعلنَت مطلعَ هذا الأُسبوع أَنْ “لا دليلَ حسياً على وجود أَشباحٍ في السراي”.
هذا في طوكيو.
أَما في بيروت فالسراي حتى اليوم ليس مَسكوناً بالأَشباح بعدُ لكنّه مُرشَّحٌ ليكون كذلك. فبين رئيس حكومة مستقيل غير ممدَّد له إِلاّ لتصريف الأَعمال، ورئيس حكومة مكلَّف ممدَّد له بدون مُدّة، يبقى السراي الحكومي عندنا مُهدَّداً بأَنْ يَفرَغ إِلاّ من الأَشباح.
رئيسٌ مستقيلٌ ينتظر أَنْ يُخلي مكتبَه إِذ لا سُلْطة له ولا قرار على رأْس حكومة راحلة، ورئيسٌ مكلّفٌ لا يمكنه بعدُ أَن يَدخل إِلى السراي “دولةَ رئيس” يزاول مسؤُولياته قبل أَن يُفَكْفِكَ أَمامه تناقضاتِ ذي شُروطٍ وذي مَطالبَ وذي عراقيلَ وذي عُقَدٍ وذي إِصرارٍ على حقائب وذي تَـمَسُّكٍ بكوتا عدَديّة لا يتنازل عنها وإِلاّ.
وأَكثرُ بعد: مجلس نوّابٍ ممدَّدٌ له بأَصوات ممتعِضٍ ومعترِضٍ ورافضٍ وقابِلٍ على مضض، ومجلسٌ دستوريّ يهبط عليه كُلّ الوزْر في إِصدار قراره بين قبول طعن رئيس الجمهورية وعندئذٍ يتراجعُ التمديدُ إِلى تمديدٍ آخر للتحديد والتجديد، أَو رفْضه الطعن فيَستمرّ مجلس النواب مُمدَّداً له وسْط غضَب الناس الذين اغتصَب النوابُ قرارَهم ومَدَّدوا ولايتَهم من دون الرجوع إِلى رأْي الناس.
قد يَحدُث ما يَحدُث فيُقْفَلُ مجلس النواب – على عادته السابقة في “الحَــرَد” وإِقفال بابِه أَشهراً مطَّاطة مُـمَدَّداً لها – فنُصبح منكوبين بـمَقَرَّين للأَشباح: سراي حكومي ومجلس نوّاب.
و”ما أَهنأَنا” عندها بمركزَين للقرار تسكنُهما الأَشباح فيما وطاويطُ الليل أَشباحٌ جاهزةٌ للانقضاض على الوضع الأَمني الضئيل المناعة فتَسْبَح البلاد في مربَّعاتِ أَشباحٍ تتنافس على تَناهُش الوطن وقَضْم سَكِينةِ أَهله وتهجيرِ مَن بقِيَ من شبابه واغتيالِ الأَمل في نفوس مواطنين يتنقَّلون من وضْع سَيّئٍ إِلى وضعٍ أَسوأ عالقين بين بعض سياسيّين “شَبّيحة” و”تشبيحيين” وآخرين أَشباح لا حضورَ لهم ولا وجودَ ولا صوتَ يرفعونه إِلاّ حفاظاً على مصالحهم الشخصية الفردية الذاتية الأَنانية.
فهل المتوقَّع أَن يقوم الـمُواطن باستدعاء “طاردي الأَشباح” كي تعودَ مؤسساتُ البلاد إِلى حياتها الطبيعية؟