788: فكرةٌ مغايرةٌ للتنشيط الثقافي

فكرةٌ مغايرةٌ للتنشيط الثقافي
السبت 6 نيسان 2013
-788-

مثلما لا يجوز القولُ إِنّ الأَدبَ في أَزمة بل الأُدباء، كذا لا يجوز القول إِن الكتابَ في أَزمة بل تسويق الكتاب.
عن الإِحصاءات أَنّ مبيعات “معرض الرياض الدولي للكتاب 2013” حصيلتها 19 مليون دولار، وبلغ الزوّار مليونين ونصف المليون، والعناوين المعروضة 250 أَلف نسخة ورقية ومليون و200 أَلف عنوان إِلكتروني، والمشاركون 970 دار نشر من 32 دولة.
صحيح أَنّ المواضيع عنصرٌ جاذبٌ لكنّ طريقة عرض الكتاب تجذب إلى الكتاب.
وصحيحٌ أَن للمؤلّف حصةً جاذبةً لكنّ طريقة عرض الكتاب في الجناح تلفتُ الزوّار وتُعْلِمُهم فتشدُّهم إلى الكتاب.
إذا بقيَت الكتُب على الرفوف راكدةً ساكنةً، فلن تُنقذَها مواضيعُها ولن يشفع بها مؤلِّفوها.
الأَساس إِذاً: عناصرُ جذبٍ ابتكاريةٌ توصِل زوّار المعرض إلى الكتاب.
في حزيران 2012 شهدَت العاصمةُ الفرنسية “أَعلى مكتبة في باريس” (“أَزرار” رقم 749): معرض كتاب عند قمّة برج مونـﭙـارناس (الطابق 56 على علوّ 310 أَمتار) مع جوائز للقرّاء وحضور 90 مؤلِّفاً حاوروا جمهورهم ووقّعوا على كتبهم الجديدة.
هذه فكرةٌ مبتَكَرةٌ بين مئاتٍ غيرها تجذب القرّاء إلى المعرض باستنباط التشويق فالتسويق في صيغةٍ وأُسلوبٍ ومكانٍ وفكرةٍ مغايرةٍ لتشجيع القراءة واقتناء الكتاب.
المشكلة إِذاً ليست في القارئ ولا في الكاتب ولا في الكتاب بل في طريقة جذْب القارئ إلى الكاتب والكتاب، في استنباط “سياحة كُتُبيّة” جاذبة، بدءاً من الخارج بمواقف وسيعة للسيارات حول مكان المعرض، بلوغاً إلى الداخل بمساحات مريحة لأَجنحة غير مكتظَّة، بدليل إِلكتروني أَو وَرَقيّ للأَجنحة وما فيها من عناوين جديدة، بإِعطاء موضوع عامّ للمعرض كلّ عام، باستضافة كُتّاب يحاورون قرَّاءهم ويقرأُون من جديدهم (بعيداً عن ندواتٍ منبريةٍ مسطّحة وكرنـﭭـالات تكريم باردة)، بإِقامة مسابقات ومباريات ثقافية عامة أَو طلاّبية، باستضافة ناشرين وكُتّاب من دول أُخرى، بتنظيم قراءاتٍ عامةٍ نثرية وشعرية، بالإِعلان عن حسوماتٍ تشجيعيةٍ مغرية، بدعوة مثقّفين وجامعيين وناشطين من المجتمع المدني، بعقْد حلقات توعية على القراءة والنشر والحقوق الأَدبية والملْكية الفكرية، بتوزيع كتيّب يضم شواهدَ وأَقوالاً ومقتطفاتٍ مفيدةً لثقافة الزُّوّار.
لستُ هنا لأَعِظَ أَو أُنَظِّرَ بل لأَلْـحظَ أَنّ نجاح معرض الكتاب وقْفٌ على أُسلوب الجذب فيه، حتى ننهضَ بالكتاب والكاتب والقارئ معاً فلا نعود نقرأُ في تقارير التنمية الثقافية أَنّ “الكتاب العربي يباع بـمُعدّل نسخة واحدة في السنة لكل 110780 مواطناً عربياً”، وأَنّ “الطفل العربي يُـخصِّص 6 دقائق فقط سنوياً للقراءة في بعضٍ من كتاب”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*