789: مثل خليّة النحل

مثل خليّة النحل
السبت 13 نيسان 2013
-789-

فيما عَجَّت “ساحة النجمة” هذا الأُسبوع بحركتَين متوازيَتَين: الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة العتيدة، و”طبخة” قانون الانتخاب للانتخابات العتيدة، وفيما الإِعلام كلُّه مسلّطٌ على اللقاءات الـﭙـرلُـمانية، جاءتْنا من ﭘـاريس الـمعلومة الـﭙـرلُـمانية التالية: “وافقَ رئيسُ الجمعية الوطنية الفرنسية على وضع قفرانِ نحلٍ عند زاويةٍ من سطح قصر بوربون (مقر مجلس النواب الفرنسي) ضمن “مشروع وطني لزيادة إِنتاج العسل وتلقيح النباتات المزدهرة داخل ﭘـاريس في حين تتناقصُ عالَـمياً أَعدادُ المناحل”. والمتوقَّع أَن يؤدّي ذلك على سطح الـﭙـرلُـمان إِلى إِنتاج 800 وعاء عسل سنوياً تعطى لـجمعيات خيرية وتلامذة الـمدارس خلال زيارات تعليمية إِلى مبنى الـﭙـرلُمان الفرنسي.
وكان لافتاً تصريحُ رئيس جمعية أَصحاب الـمَناحل في فرنسا: “فكرة مُـمتازة، لعلّ السياسيين يتّعظُون من شغل النحل الدَّؤوب في تشكيل العسل، فيغيّر الـمواطنون رأْيهم الساخر في الـﭙـرلُـمان”.
رمزية الظاهرة هي في تصريح رئيس الجمعية أَكثر مما في الظاهرة نفسها الـمعروفة في ﭘـاريس. فالـمناحل موجودة من زمان على سطح مبنى الأُوﭘـرا وفي حديقة لوكسمبور.
هكذا إذاً: يؤْمَلُ أَن تتغيَّر نظرةُ الـمواطنين إِلى المبنى وما فيه ومَن فيه! فمعظمُهم لا يؤْمنون كثيراً بجدوى معظم النواب الذين “يستوطنون” الـﭙـرلُـمان سنواتِ ولايةٍ كاملة وقلَّما يُنتجون.
المواطنون يؤْمنون بجدوى التشبُّه بشغل النحل في غزْل العسَل حبّة حبّة، كما التشريع يغزل القوانين مادّة مادّة.
وبين أَن تكون قفرانُ النحل خلايا عملٍ دائمةً مواظبةً على تكوين أَقراص العسل قُرصاً قُرصاً بالتأَني وعدم الارتجال، وأَن تكون جلسات مجلس النواب خلواتِ عملٍ متواصلٍ مواظبٍ ولجاناً نيابيةً دائمةَ الاجتماعات دائبةَ الدراسات، هنا يكمن التشبيه بين سطح المجلس وداخله.
ومن التشبُّه كذلك: النحل يعمل للجماعة، ويُنتظَر من النواب أَن يعملوا لـجماعة الـمواطنين، فهذا هو دورهُم الرئيس: دراسةُ قوانين جديدة، وتطويرُ قوانين راهنة، إِلى سَنّ مشاريع قوانين وتشريعات نافعةٍ فئات الوطن والـمواطنين.
من هنا أَنّ للتَّشبُّه بقفران النحل رمزيةً ساطعةً تشير إِلى العمل الدَّؤوب البطيء الدقيق الـمُضْني الـمُهَيكَل الـمُتواصل الـمُرتَّب لتشكيل قرص العسل في شغل مدروس متتابع رصين ذي نتيجةٍ أَكيدة وثابتة ومضمونة.
فهل قُفران النحل على سطح مبنى الـﭙـرلُمان تُـحفّز النواب على الـمجيء دوماً إِلى المجلس للتشريع ودراسة القوانين ومشاريع القوانين وإِقرارها ومتابعتها؟
إِنّ التشبُّه بالنحْل حافزٌ ساطعٌ لو يتَّعظون.
لعلّ في الرمزية “النحليَّة” وازعاً شافعاً لاسعاً بين العمل في قفير خليّة النحل، والعمل في قفير مجلس النواب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*