للمرة الأُولى في تاريخ جبيل وتأْريخها، يَصدُرُ عنها كتابٌ غنيٌّ بالنصوص والصورة، يرفده موقعٌ إِلكتروني مُصاحبٌ يجعله أَولَ كتابٍ تَفاعُليٍّ عن مدينتنا العريقة. إنه كتاب “زيارة بيبلوس بالنص والصورة” لـملكان باسيل في 134 صفحة حجماً كبيراً وأَناقةَ طباعةٍ وإِخراج، ساهمت في إِصداره بلديَّة جبيل ليطال أَوسعَ مساحةٍ من المتلقِّين بين قُرَّاء الكتاب وزوَّار الموقع الإلكتروني.
مقدِّمة الكتاب تضع القارئَ والْـمُشاهدَ أَمام هَيْبة بيبلوس التاريخ الأَقدم، يقدِّره المؤرّخون والخبراء بسبعة آلاف سنة، وأَنها أَقدمُ مدينةٍ في العالم لا تزال مسكونة.
نُـجَــهِّزُ دهشتَنا، ونفتتح المشوار:
تبدأُ الرحلة من الموقع الأَثري الذي دخل “لائحة التراث العالمي” منذ 1984، ويعود الفضل في اكتشافه إلى موريس دونان الذي واصل مكتشَفات سَلَفَيْه إِرنست رينان وﭘـيار مونتي، فكانت جبيل معهم أَولَ موقع أَثري في الشرق الأَوسط يكتملُ تنقيبُه.
نُكمل إلى المدينة القديمة ضمن الأَسوار التاريخية، وفيها سوقٌ عثمانيٌّ وبيوتٌ عتيقة ذاتُ هندسةٍ معماريةٍ شرقية، وكنيستان عريقَتان: أُنطُش مار يوحنا مرقس من الحِقبة الصليبية، وسيّدة النجاة من الحِقبة البيزنطية.
نكمل بعد فنُطِلّ على الشاطئ، وفي هدير مَوجِهِ ترديدُ حَكايا بيبلوس والبحر منذ أَبحر منه قُدامى الفينيقيين، وهو اليوم بساطٌ جميل لِـمَقاهٍ ومطاعمَ ومرفإٍ على رصيفِه هَزهَزةُ المراكب وهَدهَدةُ السيّاح. وفي ناحية البحر يطالعنا منذ 2003 “مهرجان بيبلوس الدولي” وفي ذاكرته أَسماءُ لبنانيةٌ وعالميةٌ كبيرةٌ جذبَت جمهوراً كرَّس المهرجان في طليعة مهرجانات الصيف لبنانياً وعربياً.
ثم… ها نحن في المدينة الحديثة بواجهاتها الـمُرَمَّـمة من دون أَن تخلَعَ عن الطابع العام عراقةَ المدينة التاريخية.
وليست جبيل عروساً على أَرضها وحسْب، بل تزدهي بأَثَرها الفريد في متحف لبنان الوطني: ناووسُ أَحيرام حاملُ أَقدم أَبجديةٍ ناطقةٍ عنها انبثَقَت أَبجدياتُ العالم المعاصر. ومعه في المتحف من كنوز جبيل تمثالٌ حجَريٌّ ضخمٌ ومجوهراتٌ ومقتنياتٌ وتماثيلُ فينيقيةٌ منمنمةٌ شهيرة.
هذه المواقعُ والأَماكن والـمَشاهد والـمَناظر تعبِّر عنها في هذا الكتاب صُوَرٌ جميلةٌ من زوايا مختلفةٍ وعَدَساتٍ ذكيةٍ ولقطاتٍ مبتَكَرَةٍ غَنِمَت من خِبرة المؤلِّف وتجربته في الفوتوغرافيا وتصميم المواقع الإِلكترونية لتُشكِّل في الكتاب بهجةَ قراءةٍ واستطلاع، وفي الموقع الإِلكتروني رحلةً افتراضيةً ذاتَ متعةٍ كبرى.
ولا يتحدَّد الكتابُ في جبيلَ المدينة بل يُـحلِّق في قرى تزنِّرُها من قضاء جبيل، فيها إِرثٌ تاريخيٌّ ودينيٌّ واسعٌ، من منبسطات عمشيت إلى تلال عنّايا مار شربل إلى أَفقا المغارة ومعبد الأَدونيات، وهَيبَة جبال العاقورة ونواحي بجّة وبنتاعل وشامات وإدّه وإهمج والفيدار وغرزوز وغرفين وأُحفوريات حجولا وأَرز جاج ولحفد الطوباوي أسطفان نعمة ومعاد ومواقع المشنقة ومغارة مبعاج الساحرة ومشمش ونهر ابرهيم وقرطبا ووادي الجنَّة وَوِهاد طُرْزيا.
بهذه الجماليّات الفوتوغرافيّة المدعومة بنُصوصٍ وجيزةٍ شارحة، يُطلق ملكان باسيل كتابه “زيارة بيبلوس بالنص والصورة” أَولَ كتابٍ تَفاعُليٍّ عن بيبلوس الأَمس وجبيل اليوم، يُشكِّل – بين دفَّتَيه وفي ﭬـيديو موقعِه الإِلكتروني – رحلةً ممتعةً ثقافيةً حضاريةً إلى قلب مدينتِنا الخالدة جبيل عروسِ فينيقيا التي ما زالت رمالُ شاطئِها ترَدِّدُ حُضورَ لبنان في التاريخ منذ فجر الصفحة الأُولى من كتاب التاريخ.