حرف من كتاب- الحلقة 92
“الوطنُ النَّفيس في خُطـَـب الرئيس”- القصر الجمهوري
الأحـد 25 تشرين الثاني 2012

“خصوصيةُ الدولة أَن تُستَهابَ لا أَن تَـهاب، أَن تَردَعَ لا أَن تُردَع، وأَن تفرض سلطتَها وسيطرتَها بقُوَّة القانون وبأَذرعتِها الشرعية، وإِلاّ لَفقدَت مبررات وجودِها كدولةٍ تضمنُ الأمن والانتظام العام، ولانتفى الاستقرار وطغَت شريعةُ الغاب”.
بهذه العبارة القاطعة، مساءَ الأَربعاء الماضي، رفعَ الصوتَ رئيسُ لبنان عشيةَ الاستقلال، في خطابه الوطني الجامع، أَلقاه بنَبرةٍ وُثقى، مسؤولاً أَوّلَ يُنبِّه، يُـحذِّر، يَـجْهَر بالخطر الذي يترصَّد لبنان إن لم يُـجمِع أَفرقاؤُه السياسيون على التحاوُر لإِنقاذه.
خطابُ الاستقلال قبل أَيام، يأْخُذُنا إلى كتابٍ صدَرَ قبل أَسابيع عنوانُه: “الكتاب التوثيقيّ لكلمات وخُطَب فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان” في 636 صفحةً قطعاً كبيراً وطباعةً أَنيقةً بإخراجٍ سائغ، موثَّقاً بصُوَر المناسبات التي أَلقى الرئيس فيها كلماتِه والخُطَب.
على الغلاف صورةُ الرئيس يكتُب على الصفحة الأُولى من الكتاب عبارة “تسأَلونني إلى أَين نأْخذ لبنان؟ نأْخذ لبنان معاً إلى المكان الذي حلِمْنا به دائماً… هل أَستطيع؟ نعم: معاً نستطيع”. وينطلق الكتاب بالخُطَب والمناسبات، بدءاً من خطاب القسَم (25 أيار 2008) حتى خطاب الاستقلال 21 تشرين الثاني 2011.
يتبوَّبُ الكتاب في خمسة فصولٍ عامة، أَوّلُها مناسباتٌ وثوابتُ جمعَت كلماتِ خطاب القَسَم وجلستَي الحوار الأُولى والثامنة، والأَربعَ المناسبات السنوية للاستقلال وعيد الجيش، ومناسبتَين لتفعيل المؤسسات.
الفصل الثاني: في قلب الخريطة، من ثلاثة أَقسام: استقبال الرئيس رؤَساء من العالم، كلماته في القمَم الدولية، وفي استقباله السنويّ السلك الدّﭘـلوماسيّ والقنصُليّ.
الفصل الثالث: لبنان في العالم، أَيضاً من ثلاثة أَقسام: خُطَب الرئيس في جولاته على رؤساء في العالم، وفي الأُمم المتحدة ومجلس الأمن، وفي المنتديات الدولية.
الفصل الرابع: جناحُ لبنان في العالم، لـخُطَب الرئيس لدى زياراته الجوالي اللبنانية في آسيا وأَفريقيا والأَميركتين وأُوروﭘـا.
الفصل الخامس: الحضور الوطني، لـخُطَب الرئيس في قمّة بعبدا الروحية، في إفطارات رمضانية سنوية، في محطات وطنية مختلفة، وختاماً خُطَبُهُ في مناسبات ثقافية شهدتْها بيروت وعاشها كل لبنان.
أَهميةُ هذا الكتاب أَنّ فيه إِضاءاتٍ على مراحلَ صعبةٍ مَــرَّ بها لبنان، ولا يزال يَـمُرّ في أَنواءَ وأَعاصيرَ وطَوَفاناتٍ خطيرة، فعَلى القبطان القائد أَن يتزوَّد بالصبر والحكمة، بالرويَّة والحكمة، بالمعالجة والحكمة، فالحكمةُ معيارُه لـتَلَقّي المفاجآت، والحكمةُ علاجُه لجمع المتناقضات والمتناقضين في البيت الواحد، وهو ما فعله الرئيس ميشال سليمان ويفعلُه منذ تولّـى رئاسةَ لبنان، آتياً من حزم الجيش وعزم الانضباط وحسم العسكر، ليوظِّف الحزم والعزم والحسم في السياسة التي تُوصِلُ لبنانَ إلى الأَمان، تُجنّبه الانزلاقات المتهوِّرةَ الخطرَة، وتُنقذُه من نيران الحرائق المحيطة به في المنطقة، وتُبقي له عيناً ساهرةً على عَدُوٍّ خبيثٍ شرسٍ غادِرٍ في جنوب لبنان لا تُغمَض له نيّةٌ على انقضاضٍ عند أَيّة غفلة. علامةُ الرئيس أَن يَعرِف، وأَن تكونَ معرفتُه حَدْساً يستَبِقُ الحَدَث، عيناً تَستبقُ الغفْلة، وعقلاً يرافق التطوُّرات فيُلْقِمُها الــرَّدَّ المناسب في الوقت المناسب.
الرئيس ميشال سليمان، طَوال سنواته الأَربع في الحُكْم، حَمَلَ الكثير وتَـحَمَّل الكثيرين، وهو يَستحمل أَكثر، شرطَ أَن نَـمُدَّ له أَيدينا بِـمُواطَنَةٍ صالحةٍ مُـخْلصة، نقيَّةٍ من أَيِّ انتماءاتٍ وارتهاناتٍ إلى الخارج، كي يُنقذَنا الرئيس، وبِـحكْمته وصَبره يُنقذُ لنا لبنان.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*