751: في دبلوماسية الثقافة

في دﭘـلوماسية الثقافة
السبت 14 تموز 2012
-751-

أَتلقّى دورياً دعوةً من سفارةٍ إلى احتفال ثقافي أو فني تنظِّمه عَرْضاً تأتي بعناصره من بلادها بشراً أو موادّ تقدِّمه إلى جمهور لبنان. ولا أستثني يومها الوطني، وهو أحياناً – عدا الاحتفال الـﭙـروتوكولي – يتضمّن عرضاً أو مشهدية أو احتفالية.
وقد تتعاون السفارة مع جهة محلية على نشاطها فيتزاوج الأجنبي والمحلي في لقاء مفيدٍ مُثَقِّف وتتكامل الفائدة، كما حالياً من سفارة المكسيك لدى “بيت الحرفي” في زوق مكايل (لشهرين حتى أواسط أيلول المقبل) معرضٌ مزدوجٌ: حرير من متحف واهاكا للنسيج المكسيكي، وحرير من شغل حائكي زوق مكايل قطَعاً نادرةً معتّقة تعود إحداها إلى 1906، وبينها علَم لبنان منسوجاً سنة 1923، ولا تزال خيطانها نضرة نابضة كأنها منسوجة حديثاً على نول الزوق المعاصر.
هذه الظاهرة في تلاقُح الحضارة والثقافة والفنون تُشَرِّعُ لبنان على تراث الآخرين وثقافتهم، فيَغْنى جمهور لبنان بما يرى، ويَغْنم بما يشاهد، ويكتسب بما يتثقَّف، كما في “مهرجان البستان”، أو كما تابعنا أخيراً معرضاً تشكيلياً من الأوروغواي، وعيد الموسيقى من فرنسا، أو كما نظَّمت سفارة بريطانيا أسبوع يوبيل ملكتها في بيروت.
السؤال هنا: هل يقوم لبنان في الخارج عبر سفاراته بهذا التلاقُح الثقافي اللبناني مع الدول التي لنا فيها تمثيل دﭘـلوماسي؟
قد يحصل هذا في دول ضئيلة لنا فيها سفيرٌ ديناميّ ينشط في بادرة فردية فيأتي من لبنان بأعمالٍ أو بمبدعين من كل حقل، في احتفاليات ومشهديات راقية يقدِّمها لجمهور الدولة التي يَرئِسُ فيها بعثتنا، فيتعرَّف جمهور تلك الدولة إلى لبنان الآخر غير الذي يتابع عنه تعتير سياسييه وتصاريح مزعوميه ومنطق مسؤوليه وتصرفات حواشيه.
لبنان الحقيقي، لبناننا نحن، هو لبنان الثقافة والإبداع والفكر والفنون من كل حقل: أدباً وشعراً ومسرحاً وموسيقىً وكوريغرافيا ورسماً ونحتاً وسينما وفنوناً مشهدية عدة، حين يأتي بها سفير إلى حيثما يرئِسُ بعثة لبنان، يُظْهِرُ للعالم لبنان الآخر، لبنان الحقيقي، لبنان الرسالة الحضارية والثقافية والإبداعية.
أعرف لبعضٍ من سفرائنا همةَ نشاط: منشورات تصدر عن السفارة أو موقعاً إلكترونياً لها أو أنشطةً يأخذونها من لبنان.
لكنّ للبنان سفاراتٍ في دول العالم لا يشعر بها مواطنو تلك الدول إلا في 22 تشرين الثاني حين يقتصر الاحتفال على النشيد الوطني اللبناني ونخب المناسبة والكوكتيل بعد الاحتفال.
وما هكذا نحن، ولا هذه صورة لبنان كما يجب أن تكون صورة لبنان في العالم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*