الجزءُ السابع من موسوعة “ذاكرة بيروت الثقافية” للدكتور جورج الرّاسي، خصَّصَه للريشة اللبنانية والإزميل، في كتاب “ريشة في مهب الريح – أنطولوجيا الفنِّ التشكيليِّ اللبنانيّ من البدايات حتى اليوم”.
الكتابُ من الحجم الكبير، في 640 صفحة، صادرٌ عن “دار الحوار الجديد” حاملاً سِيَر 250 فنانةً وفناناً لبنانياً، في خمسة فصولٍ كبرى سَلْسَلَها كرونولوجيّاً بحسب المراحل منذ البدايات حتى الصاعدات.
في مدخل إلى الموضوع كتب جورج الراسي أَنَّ “نشأةَ الفنِّ التشكيليِّ في لبنان ارتبطَت إلى حدٍّ بعيدٍ بمواضيعَ دينيةٍ ودوائرَ كنَسيةٍ، كما في أوروﭘـا عصورٍ سابقة”. ويورد المؤلِّف أنّ تلك البدايات “مؤرَّخَةٌ في ما تبَقَّى من جدارياتِ كنائسَ وأديرةٍ في بعض أنحاء لبنان، تُصَوِّرُ مواضيعَ دينيةً مختلفةً ووجوهَ رُسُلٍ وقدّيسينَ معظمُها في تأْليفٍ إيقونوغرافي شرقي، بريشات رهبانٍ عِصاميين زاولوا الفنونَ التصويرية واشتغلوا بالفنون التزيينية”. ثم ينفتح الكتاب على الخمسة الفصول.
في الفصل الأول “الرُّوَّاد – عصبة الخمسة”، يورد المؤلِّف نُبذةً عنهم بدءاً من المؤسس داود القرم، فخليل الصليبي، فحبيب سرور، ففيليپ موراني، فجبران، ومــرَّ بينهم جورج سير الذي أمضى في بيروت ثلاثين سنةً وتوفي فيها تاركاً بصمةً دامغةً على جيل تلك الفترة وما تلاها.
الفصل الثاني خصَّصه المؤلِّف لــ”رعيل النهضة الأُولى” مشيراً إلى أنّ جيلَ الرُّوَّاد أرسى الفنَّ التشكيليَّ في أواخر القرن التاسع عشر، وفي النصف الأول من القرن العشرين أعطى هذا الفنَّ أُطُرَه التأسيسيَّةَ الأُولى جيلُ نهضةٍ تشكيليةٍ في طليعته مصطفى فروخ، عُمَر الأُنسي، قيصر الجميل، صليبا الدويهي، رشيد وهبي، يوسف الحويك، والإخوة ميشال وألفرد ويوسف بصبوص.
الفصل الثالث عرضَ “رعيل النهضة الثانية”، جيلَ الخمسينات والستينات، معه تأسست جمعية الفنانين التشكيليين للرسم والنحت سنة 1957 بقيصر الجميل أميناً عاماً، سعيد عقل أميناً للسرّ، حليم الحاج أميناً للمال، إيلي كنعان أميناً للخارجية، عمر الأُنسي أميناً للداخلية، رشيد وهبي أميناً للدعاية والنشر، وجان خليفة أميناً للمعارض. ومع هذا الجيل تأَسَّس معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية سنة 1966 بنقولا النمَّار عميداً، وكانت ظهرت في بيروت أول غالري فنية في لبنان هي “غالري وان” للشاعر يوسف الخال سنة 1963. في طليعة ذاك الجيل: عارف الريِّس، رفيق شرف، ﭘـول غيراغوسيان، شفيق عبود، جان خليفة، حليم جرداق، سعيد عقل، إيلي كنعان، وجيه نحلة، أمين الباشا، فريد عواد، حسين ماضي، وهيب بتديني، حسن جوني وآخرون أكملوا مع فجر السبعينات مسيرةَ أساتذتهم وأسلافهم لنهضة تشكيلية لبنانية جعلت بيروت عاصمة الإبداع التشكيلي في الشرق.
في الفصل الرابع مرّ المؤلف على جيل بعدَ الحرب من الموهوبين الأصيلين، وفي الفصل الخامس رائداتُ الريشة والإزميل في لبنان مع سلوى روضة شقير، هِلِن الخال، إيـﭭـيت أشقر، لور غريّب، ناديا صيقلي، إيتل عدنان، وأُخرَيات، وصاعداتٌ شاباتٌ بَرَعْنَ في معارضهن الفردية والجماعية، وما زلن يُكْمِلْنَ مسيرة الريشة والإزميل.
كتاب جورج الراسي “ريشة في مهب الريح – أنطولولجيا الفن التشكيلي اللبناني من البدايات حتى اليوم” موسوعةٌ مصغّرةٌ لـمُعظم مبدعينا التشكيليين، مادةٌ يعود إليها ناهلاً مَن يَدرُسُ خارطة الفن التشكيلي في لبنان بإبداعاتها ومبدعيها الخلاّقين.