حرف من كتاب- الحلقة 65
“قيصر الجميّل- الريشة المتوهِّجة”- مجموعة باحثين
الأحـد 6 أيار 2012

بعد حلقة الأَحَد الأسبق عن “عمر الأُنسي- بستانيّ النور اللبناني” في سلسلة منشورات “مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية” سنة 1985 في الفرنسية والإنكليزية معاً، أَفتحُ اليوم كتاباً ثانياً في السلسلة نفسِها عن المجلس نفسِه، صادراً في طباعةٍ أَنيقةٍ وحجمٍ موسوعيٍّ كبيرٍ، هو كتاب “قيصر الجميِّل – الريشة المتوهِّجة”، الجامع صُوَرَ لوحاتٍ ونصوصاً تعريفيةً بالجميِّل وحياتِهِ وأَعمالِهِ وأَثَرِهِ في عصرِه.
الكتاب من 112 صفحة، يستمِدُّ عنوانَهُ مِـمَّا اشتُهِرت به ريشةُ القيصر من حرارةٍ وجمرٍ واضطرامٍ وتأَجُّج واتِّقادٍ ونَـهَمٍ ملتهِبٍ في لوحاته، من العاريات إلى باقات الزهر المتلألئة إلى مناظره الزَّوَّاغة الألوان إلى المواضيع الوطنية الصاخبة، كأنَّ في تلك الريشة حُمّى الإبداع المتأجِّج بنَـهَم الرسم وشَغَف الحياة. فقيصر الجميِّل مات في الستين (1898-1958) وهو في ربيع شَغَفِهِ بالحياة وَلَذَاذَاتِها الإبداعية.
في مقدِّمة الكتاب إضاءةٌ على الجميِّل واكتشافِهِ الانطباعيَّةَ في ﭘـاريس سنة 1927 وانطلاقتَها الرائعةَ مع رينوار ورفاق عصره، وتأثُّرِهِ بها لِملاءَمَتِها طبيعتَه الشغوفَ وإحساسَه الشَّبَقِيَّ الإبداعِيَّ الخلاَّق في النَّظَر بِنَهَمٍ جامحٍ إلى كل ما يُغذِّي تَوقَه إلى اللون قبل الشكل، يُشْعلُ به جَسَدَ مَـلْـوَنَـتِه الـمُثارَةِ والـمُثيرة.
أَفتحُ الكتابَ على فصوله الثمانية، وأَقرأُ اللوحات معكم.
الفصل الأول “وُجوه”، في 6 زيتياتٍ بينها والدةُ الرسّام، الشيخ محمد الجسر، السيِّدة جنـﭭـياﭪ الجميِّل، ورأس المسيح المصلوب.
الفصل الثاني “عاريات” وفيه 14 لوحةً زيتيةً لنساء عارياتٍ في أَوضاع مختلفة.
الفصل الثالث “مناظر” وفيه10لوحاتٍ لبيوتٍ ومشاهدَ من الجبل ومهابةِ صنين وغابةِ نعص بكفيّا ومار الياس شويّا وبيت الرسام.
الفصل الرابع “زُهور” وفيه 6 لوحات لباقات ميموزا وأضاليا وقرنفل وورد.
الفصل الخامس “ﭘـاسْتِل” وفيه 3 رسمات بالطبشور لامرأة تحوك، ورجلٍ مُلْتَحٍ، ووجهِ حسناءَ باسمة.
الفصل السادس “مائيّات” وفيه 5 لوحاتٍ لصنوبر وشاطئ وثلاث عاريات.
الفصل السابع “مُـخَطَّطات” وفيه 9 رسومٍ لجارياتٍ يَسْتَحْمِمْنَ، ورأسِ المسيح بإكليل الشوك، ووجهِ رجل، و6 رسُومِ عاريات.
الفصل الثامن “مواضيع مختلفة” وفيه4 لوحات: امرأةٌ تَـخيط شرشفاً، امرأةٌ غافية، حلقةُ دَبْكة، وعشتروت تحتضن أدونيس الصريع.
في هذا الكتاب، بلوحاته السبع والخمسين، إطلالةٌ وميضةٌ على الحِقْبة التي وسَـمَت عصرَ قيصر الجميِّل ورفاقِه من مطلع القرن العشرين بمناخٍ واحدٍ للريشة والقلم والطبشورة استمدَّ عناصرَهُ من منبع واحدٍ هو الجبل اللبناني والمنظر اللبناني والبحر اللبناني والسهل اللبناني، وكلُّها عبر فصول لبنان الأربعة ومَناظِرَ ووجوهٍ وأشخاصٍ تَعْمُرُ بهم المشاهدُ اللبنانية بأشجارها الخُضْر وقرميدِها الأحمر وسمائِها الزرقاء وكلِّ ما يُثير شَوقَ قارئ اللوحة اللبناني إلى حُبّ لبنان وقارِئِها غيرِ اللبناني إلى اكتشافِ جمالات لبنان.
هذه الرسالةُ اللبنانيةُ كانت بين أَنامل قيصر الجميِّل وهو يمسكُ ريشتَه الشَّبِقَةَ بالحُبّ، النَّهِمةَ إلى الجمال، ليرسُمَ بها فَرادةَ هذا اللبنان المميَّز، وطنِ أدونيس وطائرِ الفينيق، وطنِ الأَساطير والشعراء، المخترقِ عَقَباتِ التّاريخ وعقوباتِ الجغرافيا، حتى لَتغدو لوحةُ قيصر الجميِّل قصيدةَ خَطٍّ ولونٍ ونبضٍ، تَبلغُ قارئَها من أَيةِ لُغَةٍ كان، لأَنّ اللوحةَ عابرةٌ جميعَ اللغات، وهنا مسؤوليَّتُها في أن تحمل رسالةَ وطنِها إلى جميع الأوطان أَيّاً تَكُنْ لغاتُها.
ومن رسالةِ لبنانَ المتَوَهِّجِ بالجمال، يَتَّضِحُ عنوانُ هذا الكتابِ أَمامي: “قيصر الجميِّل – الريشة المتوهِّجة”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*