ميريام وآنياس… أُختان بالدم
السبت 10 كانون الأول 2011
-723-
بالصَّعقة الإحدى تَضَرَّجَتَا معاً. بالوحش إياه انقَضّ مفترساً. وتواصلَت الصدمةُ إحدى من ساحل علما إلى “هُوتْ لْوَار”.
بين ميريام الأَشقر (28 عاماً) وآنياس ماران (13 عاماً) شَبَه واحد: كلتاهما ضحيةُ اغتصاب على يدٍ سقطَت عليها وكانت قبلُ تلبَس قفّازاً من مَخمل: ميريام على يد حارس الدير الذي تُصَلّي فيه، وآنياس على يد زميل صفّها الذي تدرس فيه.
أبعدُ من التفَجُّع والتحَسُّر: كيف كانت، عند الفاجعة، المقاربة؟
في لبنان: “جريمة وحشية”، “انكشاف وقائع التحقيقات الأَوّلية”، “ضجّت المنطقة بمشاعر الأَسى”، “الأمر يُنذر بتفاقم موجة الإجرام”، “أصواتُ استنكار للجريمة النكراء”، “إِقفال المؤسسات والمتاجر ساعة واحدة”، “شجْب الفلتان الأخلاقي”، “استنكار فظاعة الجريمة”، “مطالبة السلطة التنفيذية بإجراءات استثنائية ليكون المجرم عبرة لردع سواه”.
في فرنسا: “إعادة النَّظر في قانون العقوبات”، “البحث في معالَجة العفو المبكر عن المجرم قبل إنهائه فترة المعالجة المطلوبة”، “التشَدُّد في الإصلاح المسبَق تلافياً للحوادث، لا العلاج اللاحق بعد وقوع الحادثة”، “معالجة القضايا الإنسانية في دقّة عالية”.
وإذا كان سفّاح ساحل علما متخفّياً في ثياب حارس الدير ولَم تَظهر عليه شائبة، فسفّاح “هُوتْ لْوار” (17 عاماً) طالبٌ دخل السجن في آب 2010 بتهمة اغتصابِ قاصرة، وتَمّ إطلاقُه بعد أربعة أشهر ووضْعُه “تَحت المراقبة القضائية”.
القضاء الفرنسي تَحرّك فوراً ليُعيدَ النظر سريعاً في أصل الوضع “تَحت المراقبة القضائية” التي لَم تردَع الشاب الشبِق من إغراء زميلته في الصف وجَذْبِها إلى غابةٍ قرب المعهد واغتصابِها فقتْلِها وإحراقِها.
فهل يتحرّك القضاء اللبناني ليُعيد النظر في قوانين تُدخل المجرم (أياً تكن فعْلَتُهُ) إلى السجن فترةً يبقى خلالها بدون مُحاكمة، أو تتمُّ مُحاكمتُه حتى إذا أَطلقَت سراحه عاد إلى ارتكاب جريمة أُخرى؟
ميريام وآنياس أُختان بالدم، بين موتِهما جامعٌ مشترَك: العنف، وقاسمٌ مشترَك: المعالَجة.
هنا الأَساس، في المعالَجة: كيف تتعاطى أجهزة الدولة مع الجريمة تِجاه الضحيّتَين.
والدُ آنياس رفضَ أن يُصغي إلى ما قاله لوك شاتيل (وزير التربية) وكلود غِيَان (وزير الداخلية)، معتبراً أن الأمر أبعد منهما، وشَدَّد على الحزم أكثر بإطالة معالَجة الجانِحين في مراكز التأهيل.
والدا ميريام أصغَيا إلى حسرات المسؤولين. وماذا بعد؟؟
لا حسرةَ لديهما أكبر من غيابٍ مؤلِمٍ لصبيّةٍ كانت مْشْرقة الحضور.
ميريام وآنياس أُختان بالدم.
يبقى على النظام أن يعالج مرضى شهوة الدم، قبل أن يرفع البصَمات عن جينات الدم في مكان الجريمة.