“أَلِفُ” القرصنة
السبت 17 كانون الأول 2011
-724-
في حديث إلى “نيويورك تايمز” قبل أَيام، أَعلن الكاتب البرازيلي العالَمي پاولو كْويلُو أنْ لا حَرَج لديه في نشْر كتبه على الإنترنت “تسهيلاً للقرّاء كي يطّلعوا على بعض النص تَمهيداً لاقتناء الكتاب”، معتبراً أن شبكة الإنترنت “أفضل طريقة للاتصال بالقراء”. وعن “نيويورك تايمز” أنّ روايته “الخيميائيّ” باعت حتى اليوم 65 مليون نسخة عبر العالم، وبقيَت الأُولى مبيعاً 194 أُسبوعاً بحسب إحصاءات هذه الجريدة الكبرى في صفحتها “كُتُب”.
الظاهرة بدأ بها كْويلُو نفسُه حين راح ينشُر على موقعه الخاص مقاطعَ من فصول أو فصولاً كاملة من الكتاب، ويطلب إلى قرّاء موقعه أن يناقشوه فيجيبهم ويتبادل معهم الأفكار، ما خلَق بينه وبين قرّائه جوّاً قريباً يَجعلهم يُقْبلون على الكتاب لدى صدوره. وهذا ما قام به أخيراً قبل صدور روايته الجديدة “أَلِف” التي تلقى رواجاً، وتَهافُتاً على ترجمتها إلى اللغات العالمية. وكان، عبر صفحته على الـ”فايس بوك” والـ”تْويتِر”، أعلن إلى مليونين ونصف مليون زائر إلكتروني عن روايته الجديدة، ونشَرَ لَهم بضعة فصول منها، ما سرَّع إقبالَهم على الكتاب الورقي فور الإعلان عن وجوده في المكتبات.
بذلك افتتح پاولو كْويلُو ظاهرةَ أن يقوم المؤلف نفسُه بـ”قَرْصَنَة” كتُبه على مواقعه الإلكترونية، جذباً أكيداً لقرائه، هو الذي بلغَت مبيعات كتبه حتى اليوم مع ترجماتها 163 مليون نسخة. وبعدما كان ناشره الأميركي (هارْپر كولِنز) امتعض من تصرُّفه المفاجئ، عاد فشجَّعه على ذلك حين لاحظ ازدياد مبيعات كتبه بعد نشْر فصول منها على المواقع الإكترونية.
هذا الأمر يطرح سؤالاً حيوياً في عالَم الأدب: ما الذي يُرَوِّج للكتاب: عنوانُه؟ نوعُه الأدبي؟ الضجةُ الإعلامية حوله؟ أم انه اسمُ المؤلف نفسه الذي يستقطب قراءه عند كل جديد؟
لا أرى في الأمر التباساً: الكاتب الذي يَرُوْجُ له كتاب فثَانٍ وربما أكثر، يصبح اسمه طريقاً تلقائياً إلى رواج كل كتاب له جديد، فيقتنيه القراء لا لعنوانه ولا فضولاً، بل ما سوى لأن كاتبه اعتادوا قراءة كتبه واستساغتها.
وهنا صواب فكرة پاولو كْويلُو أنّ نشْر فصولٍ من الكتاب يثير فضول القراء لاقتنائه عند صدوره، لإيمانهم بالكاتب من كتبُه السابقة. وتالياً يكون اسم الكاتب هو الأساس، ويزيده رواجاً أن يتواصل مع قرائه إنترنِتِيّاً فيكون له معهم موعد، ويكون لهم معه مواعيد.
زمن “البرج العاجي” انقضى، وانْهار “البرج” أمام تكنولوجيا العصر التي باتت تَجعلُ الكاتب وقارئه في برج واحد.