719: … ومن جعيتا إلى قانا

… ومن جعيتا إلى قانا
السبت 12 تشرين الثاني 2011
-719-

أمس الجمعة (11/11/2011) انتهت مهلة التصويت لِمغارة جعيتا أن تكون إحدى “عجائب الدنيا الطبيعية السبع”. وبات لبنان أمام نَجاحٍ أكيدٍ من اثنَين: أن تفوز جعيتا بإحدى السبع، وإلاّ أن يفوز شعبُ لبنان، مُقيمُه والمنتشِر، باندفاعه للتصويت في حماسةٍ وطنية فريدة لَم يعرفها شعبه من قَبل، موحَّداً على حسٍّ وطنِيٍّ جلَل.
هذا يعني أنّ شعب لبنان، مهما تَطَيَّفَ وتَسَيَّس وشَلَّعَهُ زعماؤُه طوائفَ وأحزاباً ومزارعَ وقبائلَ وأغناماً وعشائرَ ومَحاسيبَ وأزلاماً، حين الأمرُ يَختص بالوطن: كرامةً مَحلية ونصاعةً عالَمية وحضرَةً دوَلية وإشعاعةً كونية، ينتفض اللبنانيون فيوقعون عن أَكتافهم كلَّ سياسيٍّ رفعوه عليها، ويرتفع جبينُهُم أحراراً شاخصين صوب الشمس.
وما دام الأَمر كذلك، وشعبُنا مستعدٌّ أن يتوحَّد على قضية وطنية تَجمعُه من أجل عالَمية لبنان، عندنا قضية أكبر بكثير من تصويتٍ لِمغارة، وأهمُّ بكثير من الفوز بين سَبعٍ بِمرتبةٍ لا تَهُمُّ سوى لبنان.
قضيةٌ أَساسية تَهُمُّ العالم كلَّه وتلفت الملايين إلى لبنان.
إنها قانا. قانا الإنجيل. قانا العرس. قانانا. قانا صُوْر. قانا الأُعجوبة الأُولى التي “في اليوم الثالث” (على ما ذكَر يوحنّا) تَحَوّل بِها ابنُ الله من إنسانٍ إلى إله، و”آمَنَ به تلامذتُه”. هي قانا التي دخلها يسوع ابناً لِمريم، وحين خرج منها كان مسيحاً مسَحَ الماء خمراً وأَظهر أُلوهَته على أَرض لبنان.
الأمر لا يتطلّب التصويت. لسنا هنا في مسابقة ولا في مباراة. الأمر قضية تتطلَّب تحقيقاً لاهوتياً وتاريخياً وأثرياً بات لدينا منه أكثر من مرجع عالَمي مُثْبَتٍ بِخرائط ووثائق تؤكِّد أن قانا الأُعجوبة ليست “كفَركَنّا” فلسطين بل قانا لبنان.
يوم زرتُها سنة 2004 مع المؤرخ والأثري الإيطالي الپروفسور مارتينيانو رونكاليا، أخبرني أنه سنة 1947 قَطَعَ المسافة مشياً بين الناصرة وقانا في نهار ونصف نهار. استفسرْتُ عن “اليوم الثالث” فشرح لي أن النهار التالي عند اليهود يبدأ في الثالثة بعد الظهر، وهو بلغ قانا غروب اليوم الثاني الذي مساؤُه اليومُ الثالث في الاعتبار اليهودي. وفي كتابه “على خطى المسيح في فينيقيا لبنان” إثباتاتٌ أخرى على تاريخية قانا لبنان أنها قانا الإنجيل.
الڤاتيكان لن يُثبّت ذلك إلا بعد تثْبيت سلطاتنا الدينية المحلية هذه الحقيقةَ التي، حين تندلع، نستقطب إلى قانا لا أقل من مليار بشريّ يتوجّهون اليوم إلى “لورد” و”ميديغورييه”.
بلى: قضيةٌ بهذا الحجم تستاهل حملة مليونية تجعل السياحة الدينية في لبنان موردَه الأكبر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*