حرف من كتاب- الحلقة 18
“منزول بيروت”- المحامي عبداللطيف فاخوري
الأحد 12 حزيران 2011

         في 424 صفحةً من الحجم الموسوعي الكبير، أصدر المحامي عبداللطيف مصطفى فاخوري كتابه القيِّم “منْزول بيروت” تحقيقاً موثَّقاً وتأريخاً دقيقاً يعيدُنا إلى حدود بيروت القديمة وسورِها وأبوابِها وأبراجِها وأسواقِها ومَحلاّتِها وعائلاتِها وهندسة بيوتِها، في ثَبْتٍ مرجِعِيٍّ زاخرٍ بالصور والوثائق والمخطوطات الشرعية والعائلية والرسمية، ما يتيح اليوم وضعَ خارطةٍ جغرافية وعمرانية وديموغرافية لبيروت القديمة كما كانت.
هذا السِّفْرُ الضخم، من خمسة فصول. أوَّلُها مَبْحَثٌ في أوضاع بيروت العمرانية عموماً من بيروت في التاريخ السحيق، إلى جغرافيا بيروت، إلى سورها الشهير، إلى أبوابها (ومنها باب أبي النصر وباب إدريس)، إلى أبراجها العسكريّة والمدنيّة، فإلى قلعة بيروت الكانت على تلةٍ عند الجنوب الشرقيّ من مدخل المرفأ.
الفصل الثاني تناول عمران بيروت الْمدُنيّ من طرقٍ وساحاتٍ داخلية وخارجية (ومن هذه ساحة باب السراي وساحة عصُّور وساحة البرج)، ومن المحلاّت والأحياء (ومنها محلة التوبة وزقاق البلاط ومزرعة الصيفي والبسطة الفوقا والبسطة التحتا وساقية الجنزير ومحلة الروشة والجميزة وتينات جل البحر وكرم الزيتون).
ثم تناول هذا الفصل أسواق بيروت (ومنها السوق الطويلة، سوق الصاغة، سوق سرسق، سوق أبي النصر)، وبعدها ثبتٌ بالدكاكين والخانات والحمامات والزوايا والأبنية الرسمية (كالسراي والقشلة الهمايونية والمستشفى العسكري والسبيل الحميدي)، وصولاً إلى المقاهي والنوادي وغرف القراءة.
في الفصل الثالث سردٌ لبيوت بيروت، وأثاثها، وأشهر مهندسيها ومعلمي البناء فيها، والأراضي، والإيجارات في ذلك الزمان،
وتفاصيل عن هندسة البيوت وكيف كانت تقسيماتُها بين فسحة سماوية ومدخل الدار وعتبة الدار والإيوان والشبابيك والأبواب،
مع صوَر لها كما قصور آل سرسق وبسترس في الأشرفية وآل الداعوق في زقاق البلاط، وتفاصيل أخرى عن القناطر المزخرفة بالرخام (كما دار آل سلام في المصيطبة وقناطر بيت الرفاعي في زقاق البلاط وقناطر بيت السردوك في البسطة التحتا).
الفصل الرابع عن منزول بيروت عالجَ مفهوم المنزول (وهو جناح خاص في بيوت بيروت القديمة معدٌّ للضيوف وأَصله المنزول فيه). وفي الفصل تفصيل عن أشهر الضيوف والزوار (بينهم الأمير عبدالقادر الجزائري الذي سكن في منزول عبدالله بيهم، والأمير فيصل الأوّل في منزول عمر الداعوق).
وبعد سردِه فنادق بيروت (ومنها لوكندة مرسيليا ولوكندة فرنسا ولوكندة أثينا) اختتم المؤلف الفصل الرابع بلمحة عن المنزول والمسرح، وفيه يذكر مارون النقاش الذي استخدم ردهة بيته في الجميزة، فقدَّم فيها مسرحية “البخيل” لِموليير، وتكرَّس بذلك أول مسرحي في الشرق العربي.
والختام في الفصل الخامس المخصّص كاملاً لعائلات بيروت: أصولِها وفروعِها ومعاني تسمياتها وفق الشهرة أو الطباع أو الألوان أو الصفة البدنية أو الحِرَف.
كتاب المحامي عبداللطيف فاخوري “منزول بيروت”، حاجةٌ مرجِعيّةٌ لكل باحثٍ في بيروت، فيه مروحة واسعة جداً من معلومات ومعطيات تُضيء عليها منذ سحيق التاريخ، فتَخرج نجمة بيروت من هذا الكتاب مُشِعَّةً على تاريخنا، وتجعل بيروتَنا الغالية نَجمتنا المضيئَة أبداً على لبنان الإقامة، وأوسعَ أوسع: على لبنان الانتشار في العالم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*