في 512 صفحة حجماً موسوعياً ضخماً، وعبر 700 صورة باهرة الألوان واللقطات، تَمكَّن الدكتور أنطوني رحيِّل من وضع كتابه في الإنكليزية: “ليل لبنان أسرار عارية” (B. Lebanon- Night secrets uncovered)
جامعاً فيه، بالصورة والنص، حياةَ لبنان في الليل، مضيئاً على جمالاتها الفريدة من أعالي بعلبك إلى أعماق أسواق بيروت، وما بينها من مُدُنٍ ومعالِم وعلامات وطرقاتٍ، وزوايا ومطاعم وحانات، وعُلَب ليل وسهرات ومهرجانات غناء وجاز وبلوز، وآثار طبيعية وقناطر قديمة، وشرفات وبيوت وأبواب وشبابيك، وبحر وجبل وأنشطة رياضية وثقافية، وأعلام غناء محليين وعالميين غنوا على خشبات لبنان تحت أضواء المسارح، حتى لَيَغْنى الكتاب بكل شهقةٍ من ليل لبنان في كل بقعة ضوء تحت أضواء الليل في لبنان.
ينطلق الكتاب من استشهادات عن لبنان، في “نيويورك تايمز” سنة 2010 التي ذكرت أن “حياةَ لبنان الليليةَ فريدةٌ لا مثيل لها”، وأن “عاصمة لبنان هي فعلاً پاريس الشرق الأوسط”، ومن صحيفة “الغارديان” البريطانية أنْ “لا مكان ساحراً كـبيروت في كلّ الشرق الأوسط”، ومن “لونلي پلانيت” سنة 2008 أنّ “بيروت إحدى أكثرِ المدن حياةً في العالم”، ومن محطة “سي إن. إن” أنّ “بيروت أجملُ مدينة للّيل والثقافة وأمتع السهرات”.
بهذه القناعة، وبكاميراه اللاقطة الذكية الجمالية، تنقَّل أنطوني رحيل، ليلاً ولليالٍ طويلة، بين مغارة جعيتا وهياكل بعلبك وساحة دير القمر ومرفإ الصيادين في صيدا وصخرة الروشة وأنوار منارة بيروت ومتحف عودة للصابون والمتحف الوطني، وساحة الشهداء ومرفإ صور وكهوف كسارة للنبيذ، ومدينة الألعاب على كورنيش المنارة ولقطات مختلفة لبيروت في الليل، ومرفأ بيروت وخليج جونيه وثلوج فاريا ومارينا ضبيه، وبارات بيروت الليلية من ساحة الشهداء إلى البيال الى مونو الى الصيفي إلى الجميزة إلى فوروم بيروت، إلى ميدان سباق الخيل، إلى مهرجان كفرذبيان، إلى ليالي فقرا، إلى مهرجانات بعلبك والبترون وبيت الدين وجبيل وزوق مكايل وساحة الشهداء، إلى مهرجانات الجاز في أسواق بيروت، إلى قصور تاريخية في قلب بيروت، إلى غياب الشمس على شاطئ بيروت حتى مطلع شروقها على تلة من تلال جزين.
ومع شروق الشمس وذهاب الليل إلى النوم، ينتهي هذا الكتابُ الساحرُ اللقطات، الجميلُ اللحظات، الآسرُ المحطات، لينغلقَ على لبنان في الليل، تحت أضواء جمالٍ وحياةٍ وحيويةٍ نادرةٍ شعباً وأرضاً ومعالِمَ وأعلاماً وعلامات، فيُشكّل كتاباً/شهادةً على وطنٍ بديع الحركة ليلاً نهاراً، يلتمع لؤلؤةً وهاجةً على خصر هذا المتوسط الأزرق، حياتُه تبدأ مع الخيط الأول لشمس الصباح
وتستمرُّ حركةً وحيويةً وفرح انتشاءٍ حتى تسلِّم آخرُ نجمةٍ في ليله أولَ فُتحةٍ من نهار جديد يتواصل فيه الألق اللبناني شمساً للنهار وشمساً لبقية الليل، لأن الليل في لبنان، كما في كتاب أنطوني رحيِّل، حكايةُ أنوارٍ نابضةٍ مشعشِعةٍ هي شمسٌ أخرى في انتظار شمس الصباح.