بعد كثيرِ ما صدَرَ عنه، لا يزال يَصدُر عنه جديد.
وكلّما خِلنا خباياه تَفتَّحَت جميعاً، تفاجِئُنا جديدةٌ بالظُّهور في مخطوطةٍ مرةً، مرةً أُخرى في صورة، أو في رسائلَ منه أو إِليه.
من هذا الجديد: كتابُ ألكسندر نَجّار في الفرنسية “على خطى جبران” (Sur les traces de Gibran) أصدَرَتْه “منشورات ضرغام” في طبعة أنيقةٍ من 112 صفحة حَجْماً مربَّعاً على ورق صقيل.
من جديد ما في هذا الكتاب:
– نصوصٌ ورسومٌ غيرُ معروفةٍ تظهر لأولِ مرةٍ، بعضُها من مُخبَّآت لبنان،
– ووثائقُ موجودة حالياً لدى جامعة هارڤرد الأميركية حيث مكتبة هاوتون (Houghton) التي فيها رسوم ومُخطََّطات على ورق تحمل توقيع جبران،
– وقسمٌ ثالثٌ من المكسيك في “متحف سُميّا” (أسَّسه اللبنانيُّ الأصل كارلوس سْليم على اسم زوجته، واقتنى له وثائق جبران من نسيبه النحات البوسطني خليل جبران).
في الجديد المُكتَشَف:
– مُخطَّطاتٌ أُولى لجبران قدَّمها إلى أُولى صديقاته في بوسطن: الشاعرة الأميركية جوزفين پيبَدي،
– نصوصٌ في الإنكليزية ورسوم من جبران إلى صديقه الشاعر ويتر باينر (Witter Bynner)،
– ورسائل إلى السيدة كورين صغرى شقيقات الرئيس الأميركي روزڤلت.
واستعاد نَجّار صفحاتٍ من كتابٍ/وثيقةٍ أصدَرَتْهُ لجنة جبران الوطنية في بيروت: “إِقْلِب الصفحة يا فتى” وكان موضوع الحلقة الأولى من هذا البرنامج “حرفٌ من كتاب”.
من مُخبَّآت “متحف سُميّا” في مكسيكو: لوحاتٌ رسمها جبران لِماري هاسكل، لوحة “سالومه حاملة رأس يوحنا المقطوع”، لوحة لوجْه شارلوت تيلر، ولوحات عن “إِمِلي ميشال” المدَرّسة في مَدْرسة ماري هاسكل والمعروفة باسم “ميشلين”.
وفي قسم رسائل جبران إلى جوزفين پيبَدي رسائلُ كتبَها إليها وهو تلميذٌ في معهد الحكمة – بيروت سنة 1899، يَفتَتِح إحداها بعباراتِ وُدٍّ جاء فيها:
“يُخيَّلُ إليّ أنني رَبِحْتُ صداقتَكِ، بعدما أَملي بصداقَتِكِ كاد ينطفئ”.
وكان ذلك جواباً عن رسالةٍ منها كتَبَتْ له فيها:
“كانَت مفاجأةً جميلةً حين فتحتُ بريديَ اليوم
ووجدتُ فيه رسْماً بقلمِكَ خَطَّطَّتَهُ لي قبل أن تتوجّه بالباخرة صوب الشرق”.
وبعد 22 رسماً، تَحتَضِنها اليوم مكتبة جامعة هارڤرد، فصلٌ عن قصة خاتم أهداه جبران إلى جوزفين پيبَدي، وفصلٌ آخَر عن رسومٍ لِجبران من مَحفوظات صديقه الشاعر ويتر باينر بينَها سيرة ذاتية لجبران كتبَها بقلمه، وفصلٌ ثامنٌ أخيرٌ لرسائل جبران إلى السيّدة كورين روزڤلت، في معظمها شكرانُه إياها على دعواتها إياه إلى عشاء، أو غداء، أو الى حلقاتٍ أدبية في بيتها كانت تطلب فيها من جبران أن يقرأ أحدَث كتاباته.
وفي رسالته إليها نهار 3 تموز 1927 جاء: “سيدتي الجليلة كورين: وَدِدْتُ لو أستخدم الناي وبُحّاته عوض القلم وكلماته، لأشكرَك على الأيام الثلاثة التي تفضّلتِ بدعوتي إلى تَمضِيَتِها في بيتك الفخم. غير أنني لا أملك سوى الكلمات، فأرجوكِ أن تُتَرجِمي التي لم أكتبْها بل قلتُها في روحي. إنّ لغة الروح هي الأصدق دوماً للشكر والامتنان”.
كتابُ ألكسندر نجار ضوءٌ جديدٌ على جبران الذي، لَحظةَ انطفأَ الضوء في عينيه ليل الجمعة 10 نيسان 1931، انطلقَ من عتمة عينيه ليَشُعَّ نوراً دائماً لا يُطفِئُهُ ليلٌ، ولا تَغيب عنه شَمسٌ في أيِّ فجرٍ من صباحاتِ العالَم.