الحلقة 967: سَلِّموا هذه المرايا
الأحد 19 كانون الأول 2010
في مواسم الأعياد تكثُر في الْمَحالّ التجارية وسائلُ الترغيب ووسائطُ الإغراء لاستقطاب الزبائن الى البضاعة المعروضة والسِلَع الجاهزة لتنتَقِل من الرُّفوف والواجهات الى أيدي الزبائن.
من هذه الوسائل والوسائط: مرايا على مداخل الْمحالّ الأنيقة الكبرى، تعكس في صفحتها وجوه الداخلين،
فتعيدُها إليهم بأجملَ مِما هي،
وتروح تتماوج بين زواياها وأطرافها ووسطها وطولها صورةُ الشخص من زوايا مختلفة وفي أوضاع متعددة
تجعل الزبون يرغب في دخول المحل للشراء،
أو ينشَدّ الى المحل تَجاوُباً مع تجميل صورته في تلك المرايا التجارية.
ما يميّز المرآة العادية عن تلك التجارية،
أن الأُولى مصنوعةٌ لتعكس صورة الشخص الصحيحة كما هو، من دون أيّ إضافةٍ أو تعديل،
بينما المرآة التجارية مصنَّعةٌ خصّيصاً لتعكس صورة الشخص لا كما هي بل مغايرةً كما يتمنّاها هو أن تكون،
وفي ذلك تزويرٌ واضحٌ لحقيقة الشخص وهيئته ومنظره وشكله، وإن يكن هذا التزويرُ لصالح الشخص تَحسيناً وإبْهاراً.
إذاً: المرآةُ العادية مصنوعة، والمرآة التجارية مصنّعة.
المرآة العادية شاهدٌ صادقٌ أمين، والمرآة التجارية شاهدُ زور.
يعني: المرآةُ العادية تَخدُمُ الحقيقة،
والمرآةُ التجارية تَخدُمُ أغراضاً وأهدافاً وغاياتٍ معيَّنةً مقصودةً لتبلغَ نتائجَ صُنِّعَتِ المرآة التجارية لبلوغِها والوصولِ الى مآربَ خطّط للوصول إليها مَن صنَّعوا هذه المرآة لتكون شاهدَ زُور.
وعند انكشاف ذلك،
يقوم المصنِّعون بِحملةٍ تَمويهيةٍ مُضادَّة
يُقيمون لأجلها الدنيا ولا يُقعدونها،
مُطالبين بإحالة المرآة الى المجلس العدليّ للتحقيق في تصنيعها وفبركتها والغايات المبطَّنة من وضعها في واجهة المحل التجاري كي تعكس للداخلين صورتهم مزوَّرةً غير حقيقية.
وما دام الأمر كذلك،
فلْيبادر المعنيُّون به الى شنّ حملةٍ على المحال التجاريةِ الواضعةِ على واجهاتِها مرايا تجاريةً مصنَّعةً ومصطَنَعَة،
فيلفتون بذلك الأوساط من كل صوب،
ويرفعون الصوت جهيراً،
ويُحِّركون البلد والإعلام،
ولْيُطَاردوا عندها مرايا السوء على مداخل المحال الكبرى وواجهاتها،
ولْيقبضوا عليها ولْيُسَلِّموها،
لعلهم – بِحَمْلتِهم التّمويهية هذه – يُوَسّعون الانتباه إليهم،
ويَستقطبون اهتمام الأقربين من أهل البلد، والأبعدين من هيئات… المحافلِ الدولية.