الحلقة 966: Prix Fixe
الأربعاء 15 كانون الأول 2010
كلما دخلنا محلاً تجارياً، نلاحظ وضع الأَسعار على البضائع، في لافتاتٍ تُحدّد سِعْرَها وإلى جانبه عبارة “السِعرُ مُحدَّد” أو “Prix Fixe” أو “الرجاء عدم الإحراج”، إشارةً للزبائن ألاّ يناقشوا في السِعر تخفيضاً أو تعديلاً، لأن السِعر يكون مدروساً وَفْقَ نوعِ البضاعة وقيمتِها وحجمِها وبلدِ مَنشئِها وجُودتِها ووظيفتِها والدورِ الذي تؤديه للمستهلك. من هنا مراقبةُ الدولةِ تَحديد السِعر عَبْر مؤشّر الأسعار أو لجنة حماية المستهلك.
وفي السياق نفسه:
كلّما ثبُتَتْ على أحدِهم تُهمةُ التعامُل مع العدوّ الإسرائيلي، عميلاً له ضدّ وطنه وأبناء وطنه وسلامة وطنه وأمنِه واستقرارِه، تنشرُ المراجعُ المختصة قيمةَ المبالغ التي تقاضاها لقاء عَمالته الرخيصة، وعُمولته الدنيئة، واستعمالِه لغرض الخيانة.
إذن:
كما في المحل التجاري كذلك في الخيانة، وكما في تحديد أسعار السِلَع كذلك في تحديد أسعار العمالة، وفْق نوع العميل وأهميتِه ودرجتِه المهنية ورُتبتِه ومركزِه ومنصبِه ووظيفتِه الأصلية ومسؤولياتِه الوظيفية وضلوعِه في مجتمعه وبيئتِه وشبكةِ علاقاته بِما يَخدُم مآربَ العدوَّ من استعمال هذا العميل ودفعِ بدل عمالته عمولةً مغْريةً تُحدّدها المهمةُ التي يستخدمه لها العدوُّ عميلاً يَخضع لِمغرَيات العدُوّ فيبيعُ ضميره اللبناني من أجل حفنة دولارات أو يُوْرُوَات أو ما إليها.
وعلى قدْر المهمة يكون الدفع، فلاغتيال سياسيٍّ سعْر، ولاغتيال صحافي سعْر، ولاغتيال موظَّفٍ شابٍّ سعْر، ولاغتيال أمن الوطن سعْر، وللمُخَطّط سْعر، وللمنفِّذ سعْر، وللشريك في التخطيط أو التنفيذ سعْر، ويدرس العدُوُّ تَماماً تَحديد السعْر فلا يناقشُه العميل لأنّ سعْر الخيانة “Prix Fixe” كما سعرُ السلع والبضائع في المحلّ التجاري و… “الرجاء عدَمُ الإحراج”.
وما نشهده اليوم على أكثر من صعيد، يُشير الى عمالاتٍ من كل نوع، بعضُها تكشفه المراجع الأمنية، وبعضُها الآخَر تقنِّعُه المسؤوليات العامة، لكنّ المواطن يُحسُّها بِحدْسه الفطري، فتَهُون عنده الخيانات المكتشفَة حتى الآن، أمام ما يشهده اليوم من طابِخي الفتنة في لبنان، أياً كانوا وأنّى كانوا، ويروحُ يتساءل عن تَحديد سعر الفتنة في لبنان، هذه التي ينبري الفصحاء ينادون بها ويدَّعون تجنُّبَها والعملَ على تلافيها واستباقِ تردُّداتِها، فيما هم ضالعون، وَعْيِيّاً أو لاوَعْيِيّاً، في تأجيجِها مباشرةً أو مُداورةً، بتأجيجِ الرأْيِ العام وصرفِ النظر عن عمالاتهم وتَحويلِه الى عمولات الآخرين غيرِهم، كما مستعيدين بيتَ عمر بن أبي ربيعة:
إذا جئتَ… فامْنَحْ طَرْفَ عينيكَ غيرَنا لكي يَحْسَبوا أنّ الهوى حيثُ تَنظُرُ