الحلقة 908: الفشلُ العاتي سِـرُّ النجاح الآتي
الأربعاء 26 أيار 2010
مَن منّا لم يَختبرْ لَحظاتِ خيبةٍ، أو وقوعاً في فشل، أو مواجهةَ سقوط، في الممارسة اليومية أو المهنية أو الشخصية أو الاجتماعية؟
المعيار: ألاّ نبقى في السقوط والفشل والخيبة.
الفشل مَحطةٌ إيجابيةٌ على طريق النجاح.
الفشلُ “الإيجابي” يُعينُنا فينبّهُنا ألاّ نقعَ من جديدٍ فنُعانِدَ ونتشبّثَ بأننا على صواب فنفشلَ من جديد.
الفشل “الإيجابي” الموصلُ الى النجاح هو الذي يعلِّمُنا أن نغيِّرَ ما أوصَلَنا إليه: أن نغيِّرَ طريقَنا، أُسلوبَنا، نَهْجَنا، تفكيرَنا، مقاربتَنا، كي لا نقعَ من جديدٍ حيث وقَعْنا فَذُقْنا مرارةَ السقوط، بل كي نغيّرَ مسلكَنا فنُوَفَّقَ ونذوقَ حلاوةَ النجاح.
أَسوقُ هذا الكلام، ونَحنُ:
– وسْط الانتخابات البلدية (وما يواكبُها من لوائحَ وفرز أَصوات وتعدادات)، وفيها فوزٌ وفيها سُقوط،
– على أيامٍ من مونديال كرة القدَم (وما يواكبها من مراهنات)، وفيها رُبْحٌ وفيها خسارة،
– وعلى أَيامٍ من حزيران الامتحانات المدرسية والجامعية (رسميِّها والخاص لنحو 800 ألف تلميذ وطالب)، وفيها رُسوبٌ وفيها نجاح، وفيها ضغطُ النظام المدرسي وحجمُه، وضغطُ الأهل وتنبيهاتُهم.
مفتاحُ هذا الأمر: سؤال. والسؤالُ هو: “لِماذا”؟
لِماذا فشِلْنا سابقاً في ما أَقدَمْنا عليه؟ وكيف نُقْدِم لاحقاً في شكلٍ آخر؟
أولُ الجواب: ألاّ نُعيدَ الأخطاءَ التي أَدَّت بنا الى السقوطِ والفشل، كي نَتَجَنَّبَها فَنَبْلُغَ الفوزَ والنجاح.
– مَن سقَطوا في انتخابات البلدية، فَلْيَسْأَلوا عن سبَب سقوطهم،
– والذين سيخسَرون في مراهنات المونديال فلْيُعيدوا مراهنات خسارتِهم،
– والذين قد يرسُبون في امتحانات آخر العام الدراسي، فلْيُراجِعوا مقاربتَهم دروسَهم ويغيِّروها استعداداً للدورة التالية.
العيبُ ليس السقوط، ليس الفشل، بل العيبُ ألاَّ نعترفَ بخطإِنا في سلوكِ طريقٍ أدّى بنا الى السقوط والفشل.
كَمَن يصمّم أن يصعدَ الدرج قفزاً كلَّ أربعِ درجاتٍ معاً ويفشل، ثم يُعيد الكَرَّة كلَّ أربعِ درجاتٍ معاً ويفشل، ويكرِّر أيضاً وأيضاً كلَّ أربعِ درجاتٍ معاً، حتى يتنبّه الى خطَإِه فيقفزَ كلَّ ثلاثِ درجاتٍ معاً (أو اثنتين معاً) وينَجَح، فيكون فشَلُهُ السابق طريقَه الى تغييرِ سلُوكِه وتفكيرِه ومقارَبَتِه ونَهْجِه، حتى إذا اقتَنَع بِخَطَإِهِ ولم يُعانِدْ وغيَّر منهَجَه، أرشدَهُ فشَلُهُ السابق الى النجاح.
الفشلُ طريقُ النجاح، والسقوطُ مقدمةُ النهوض. ليس الفشلُ أَن نسقُط، بل أَلاّ نعرفَ كيف ننهض.
وعلى فشلِنا أن يعلِّمَنا كيفَ نفهمُ الأمورَ فنُقاربُها بطريقةٍ مغايرةٍ عمّا قَبْل، ونفكِّرُ بِما سبق لاعتناق سلوكٍ آخر.
هكذا يكون الفشلُ الـمُرُّ العاتي سِرَّ النجاحِ الطيِّب الآتي.