637: يومها العالمي؟ أن تعالج هي قضاياها

يومها العالمي؟ أن تعالج هي قضاياها
السبت 6 آذار 2010
– 637 –

هل يكفي كلّ 8 آذار أن نحتفل نظرياً وتنظيرياً بـ”يوم المرأة العالمي”؟
ألا تكفي المرأةَ خُطَبٌ رنّانة واحتفالات طنّانة ومآدب فنّانة ينتهي مفعولها عند انتهاء الاحتفالات، وتعود المرأة تطالب وتنادي وتنتدي وتكتب العرائض والرسائل والكتب والخطَب وصولاً الى ما تريد بلوغه، و… لا تصل؟
صحيفة “فيغارو” الفرنسية ساندَت حملةً أَجْرتها مجلة “إِلّ” (Elle) النسائية العريقة باستعادة ما كانت مطالب حقوق المرأة قبل أربعين عاماً عند إطلاق تحرُّكها الشهير سنة 1970 (غداة انتفاضة 1968) راصدة ما تحقق منها اليوم وما لم يتحقَّق بعد.
أهمية هذه المقاربة أنها جاءت “هايد پارك” منَظَّماً لقضايا المرأة بمهارة صحافية في خدمة المجتمع، عبر حملة توزع لها عدد من الصحافيين أقاموا طاولات مستديرة في مدن عدة من البلاد (أَبرزها لِيلّ، ليون، مرسيليا، باريس) ولقاءات وندوات ووُرش عمل ومقالات ومنتدَيات وصولاً الى تحقيق مطالب، بعضها جاء تنفيذه ضدّها أو في غير مصلحتها، وبعضها الآخَر جاء منقوصاً وتلزمه متابعة. وأتاحت مجلة “إِلّ”، في حملتها الصحافية كذلك، فرصة إرسال المواقف والآراء والتعليقات إليها بواسطة شبكة الإنترنت بلوغاً الى مساحة أوسع من الردود والأفكار والآراء من ذوات العلاقة المعنيات بهذه الشؤون وتلك القضايا. والمتوقع إعلان مُحصّلة تلك الحملة (بندواتها وأجوبتها الإنترنتيّة) في يوم المرأة العالمي.
واستعادت الحملة ما صدر عن تحرك المجلة سنة1970 وخلاصته في ڤرساي: وقف المقابلة بين جنس قوي وجنس ضعيف، الاعتراف بحرية المرأة كاملة في التطوّر الذاتي، المساواة الكاملة في الحقوق مع الرجل، إتاحة الفرصة أمامها في تَوَلّيها أية مسؤولية أو وظيفة ومنصب من دون النظر الى الجنس بل الى الكفاءة، العلاقة مع الرجل من الندّ الى الندّ بدون فوقيّته الاجتماعية ودونيّتها الخضوعيّة، المفهوم الجديد للتركيبة العائلية، مواجهة القضايا العصرية المستجدة اجتماعياً وبيئياً. وطوال ثلاثة أيام (18،19، 20/11/1970) التقت نحو 1500 امراة في ڤرساي وأدلَيْن بآرائهن وأفكارهن.
الشاهد (في فرنسا) من هذه الحملة التي قادتها سيمونّ فايل (Simone Veil) واستغرقت خمسة أشهر (من تشرين الثاني الماضي) أنها أعلنَت: “الكلمة للمرأة”، واستعادت جميع المسائل التي أثارتها تلك الحملة قبل أربعين عاماً للتدارُس في ما غنمتْه المرأة خلال أربعين عاماً وما خسرَتْه، وكيف يجب أن تُكمل وأين ومع من وبأيّة وسائل، وهل المرأة اليوم بعد أربعين عاماً أكثر حرية أم لا تزال أسيرة مواقف تمتد من الحرمان الى التابو؟ وبناءً على كل ذلك قامت الحملة طوال الأشهر الخمسة الماضية في ندوات ووُرش عمل ومنتديات لتُوصل المرأةُ صوتها بكامل اتساعه ومطالبه وصولاً الى اليوم الكبير الذي تعلن المرأة فيه مطالبها الكاملة.
والشاهد (في لبنان) من هذا الحدث أن تكون “الكلمة للمرأة” التي إذا عرفت كيف تستخدم “اللوبي” النسائي تصل الى مطالبها، أما إذا اقتصر يومها العالمي على حفلات وخُطَب واتصالات وتقديم دروع لـ”نساء رائدات”، فسيبقى الرجل هو من يقرّر لها وعنها ولا يسألها، وستبقى هي السائلة وهو المجيب (إذا أجاب)، وسيبقى الأمر منوطاً بالسياسيين “يَمنحون” المرأة مطلباً هنا، ووعداً بتنفيذ هناك، ويظلّون يعتبرون الموضوع ثانوياً بإزاء “مواضيع حيوية ومصيرية” يعالجونها لـ”مصلحة الوطن”.
إن في لبنان سيدات رائدات بدأن مسيرةً مباركة منذ أكثر من نصف قرن، وما زلن اليوم رائداتٍ في تطلعهنّ الى دَور المرأة، إنما لا يزال التحرُّك ضئيل المحور، مقتصراً على “طلب الفعل” لا على “الفعل” نفسه. وحين تجتمع الهيئات النسائية في فرنسا وتجنّد كلّ فرنسا لتسأل كل امرأة عن مطالبها (العاملة، الموظفة، المسؤولة، المربية، التربوية،…) لا ينقص المرأة اللبنانية أن تقوم بالأمر نفسه في “لوبي” نسائي لا يعود معه السياسي أمام “منّة” أو “منحة” يقدِّمها للمرأة بل أمام “هيبة حضور فاعل” لا يعود في إمكانه تهميشه أو تمنينه لأنه يكون عندها يعادل حضوره هو على مستوى الوطن.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*