الحلقة 847: الأخلاق المهنيَّة بين الفضيلة والفضيحة
الأحد 11 تشرين الأول 2009
يشغَلُ الوسطَ الأميركيَّ اليوم والمواقعَ الإلكترونية خبرٌ من وكالة رويترز عن النجم التلڤزيوني الشهير ديڤيد ليترمان (صاحب البرنامج التلڤزيوني “توك شو آخر الليل” على قناة “سي بي إس”). والحدثُ: اعتذارُهُ من زوجته ريجينا على شائعة ارتكابه معصيةَ التحرُّش الجنسي بزميلاتٍ في برنامجه، واعترافُه بذلك أمام جمهوره الواسع. وقال إنه وقع ضحية مؤامرة حاكها ضدّه رجل هدّده بوضع كتابٍ عن فضائحه الجنسية ما اضطُرَّه الى الإقرار بأخطائه وإعلانِهِ ندمَه عليها. وفي اليوم التالي اتَّهم ليترمان زميلَه المنتج التلڤزيوني روبرت هالدرمان بابتزازه في طلب مليونَي دولار للسكوت عن فضائحه، ما نفاه مُحامي هالدرمان بأنّ ليترمان يتملَّص من الفضيحة بتهمة أخرى يلصقها بزميله المنتج.
مهما يكن الأمر، متحرِّشاً كان ليترمان أم بريئاً، يَهُمُّنا من هذا الحدث أنّ أخلاقيات المهنة أهمُّ من المهنة، والتعاطي المسؤول مع الزميلات في العمل أهمُّ من النجاح في العمل، وسِمعةَ الفضيلة في الأداء تَمحوها فوراً غلطةٌ تُوْدي الى الفضيحة.
وبين الفضيلة والفضيحة تكمن الصورة التي يشكِّلها النجم المشهور (في أيّ حقل من الحقول العامة) فلا يرحمه جُمهوره إذا سقط، مهما كان يهلِّل له خلال صعوده الى الشهرة.
وهذا يؤدّي بنا كذلك الى مطبّاتٍ وأفخاخ يقع فيها النجم المشهور حين يواجه حالةً من مُعْجَبةٍ تترصَّد به تَحَرُّشاً، أو تَتَوَدَّد إليه تقرُّباً، فينقاد هو الى الحالة، بريئاً أو قاصداً، راغباً أو سليمَ النية، ويبلغ به الأمر الى فضيحةٍ تُحطِّم علاقتَه بزوجته أو بعائلته أو بِحبيبته أو بِمجتمعه أو بِجمهوره، ما يدمِّر سِمْعَتَه، ويُسْقِطُه من علياء نَجاحه الطويل، ويَجعله خجِلاً من مواجهة الناس.
الأمرُ على الحدّ الحادّ بين نقيضين: إما الالتزامُ بأخلاقٍ مهنيّة ذاتِ مسافةٍ مسؤولةٍ تُبقي احترامَ الغير خارجَ حدود الخطر (خطر الوقوع في الغلطة فالفضيحة)، وإما الانقيادُ الى فحيح الغريزة، والسُّقوطُ في فضيحةٍ تُفقِده كلَّ ما بناه من شهرة ونجاح.
أصحاب الأسماء الشهيرة في الحياة العامة، فلْيكونوا على مستوى احترام أحبابهم وجمهورهم، ولْيحذَروا الانقياد الى إغراءِ رسالةٍ إلكترونية أو خَلَويّة أو مُخابرةٍ هاتفية قد تكون مقدِّمةً لِمطبَّات قاتلة وأفخاخ سافلة تجعلهم يسقطون من سماء نجاحهم الى جحيم خسارةِ الأحبة الغالين، ولْيعرفوا كيف يَحْمُون قناعاتهم ووفاءاتِهم والتزاماتهم بتمييزهم بين الغار والعار، أي بين الفضيلة والفضيحة.