846: ضوءٌ عالميٌّ جديدٌ على لبنان

الحلقة 846: ضوءٌ عالميٌّ جـديـدٌ على لبنان
الأربعاء 7 تشرين الأول 2009

بعد حدَثَين عالَميَّيْن الأسبوع الماضي (أوَّلُهُما افتتاح الدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونية بتلك المشهدية التي نقلتها تلفزيونات العالم من بيروت وتواصل التغطية العالمية للألعاب التي تجري على أرض لبنان، والحدثُ الآخَر نَشْرُ وكالة “رويترز” العالَمية تصريحَ حاكم مصرف لبنان عن توقُّع صندوق النقد الدولي في واشنطن نُمُوَّ الاقتصاد اللبناني الى أكثر من 7%، قياساً على سوق الاستهلاك الذي غَذَّتْه السياحة بنشاطها اللافت هذا العام)، أطلَّ مطلعَ هذا الأسبوع حدثٌ عالَميٌّ ثالثٌ تناقلَتْهُ وسائل الإعلام العالمية، له علاقةٌ أيضاً وأيضاً بلبنان، إذ نشرَت جريدة “دايلي تلغراف” اللندنية الشهيرة أنّ مؤسسة “تايْم آوْتْ” البريطانية (التي تُصدر خمسين مجلة في العالم عن المدن و75 دليلاً سياحياً عالمياً) أصدرت كتابَها الموسوعيّ الجديد: “أعظم مدن العالم”، وفيه فصل بارز عن أقدم عشرين مدينة في العالم لا تزال مأهولةً حتى اليوم.
واتَّبَعَتْ فيه الكاتبة جيسيكا تومسون تسلسلاً تاريخياً عكسياً منذ الأقدم، وهي أريحا الفلسطينية التي ترقى الى 9000 سنة قبل المسيح وتعاقبت عليها عشرون حضارة، الى الأحدث وهي بيناريس الهندية على الضفة الغربية من نهر الغانج، والتي ترقى الى 1000 سنة قبل المسيح.
ما يَهُمُّنا تَحديداً، من هذا الفصل في الكتاب، أن الكاتبة، في تعدادها المدن الأقدم العشرين، ذكرَت أربع مدن لبنانية، هي ترتيباً زمنياً في القِدَم: بيبلوس، صيدا، بيروت، صور.
فعن بيبلوس ذَكَرَتْ أنها ترقى الى 5000 سنة قبل المسيح. أسَّسَها الفينيقيون باسم چِبِل، وسماها الأغارقة بيبلوس وحَملوا منها ورقَ البَرْديّ، ومنها جاءت كلمة “بِيبْل” أي “الكتاب المقدَّس”.
وعن صيدا ذَكَرَتْ أنها ترقى الى 4000 سنة قبل المسيح. وهي ترجيحاً أقدَمُ المدن الفينيقية، منها انطلق الفينيقيون الى توسيع أمبراطوريتهم المتوسطية الشاسعة، وعلى أرضها مـرّ المسيح وبولس الرسول.
وعن بيروت ذَكَرَتْ أنها ترقى الى 3000 سنة قبل المسيح، تعاقبت عليها حضارات قديمة متتالية، وهي بعد الحرب في لبنان استعادت ألَقها وباتت عاصمة سياحية بنقاط جذب فيها نادرة وفريدة. وأضافَت الكاتبة عن بعض المؤرخين أنّ بيروت ظلت “مدينة الإنسان” لنحو خمسة آلاف سنة، ويرجّح مؤرخون آخرون أنها ترقى الى عشرين ألف سنة، لتكون بذلك “أقدم مدينة على الأرض”.
وعن صُوْر ذَكَرَت الكاتبة أنَّها ترقى، بِحسب المؤرِخ هيرودوت، الى 2750 سنة قبل المسيح، وهي مدينة أوروپ وإليسار، واستشهدَت الكاتبة بعبارةٍ من الكتاب المقدس بأن “صُوْر مدينةٌ تاجيَّة، تُجّارها أمراء”.
هوذا وَجهُ لبنانَ العالَميُّ من جديد، يُطلُّ كما دائماً ليلفتَ العالم الى عراقة لبنانَ التاريخ والحضارة والعلْم والإبداع والسياحة المستدامة، بينما وَجهُهُ السياسيُّ يترجَّحُ بين عَرقلةٍ من هنا، ومُشكلةٍ من هناك، وحَلحَلةٍ لا تَخرُج من عنق الزجاجة.
كأنّما قَدَرُه، هذا اللبنان السياسيّ، أن يَسُوسَ حاضرَه بعضُ من لا يعرفون ماضيه المضيءَ على مستقبل العالم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*