الحلقة 765: الـمَجْدُ لله في قـانـا ذاتِ الـمِيلادَيـن
لـيوم الأربعاء 24 كانون الأول 2008
كثيرين حَجُّوا، مساء أمس الثلثاء، إلى قانا، يَحتفلون بقدَّاس الميلاد، يصلُّون للطفل الذي يُولَدُ الليلة، وقِلَّةٌ بينهم يعرفون أنّ هذا الطفل وُلِد مرَّتين: أولى إنساناً في بيت لَحم، والأُخْرى إلَهاً في لبنان، وكان ذلك في قانا.
كتب يوحنا في الفصل الأول/الآية 43: “أرادَ يسوع أن يذهب في الغد إلى الجليل”، وكتب في الفصل الثاني/الآية الأُولى: “وفي اليوم الثالث كان عرسٌ في قانا الجليل. وكانت أمُّ يسوع هناك”. وحين أخبرني المستشرق الإيطالي مارتينيانو رونكاليا أنه سنة 1947 قطع المسافة نفْسَها مشياً بين الناصرة وقانا في يوم ونصف، استفسرتُ عن عبارة “اليوم الثالث” في إنجيل يوحنا فشرح لي أن اليهود يبدأُ نهارهم التالي عصر النهار الراهن، في الثالثة بعد الظهر. وكان رونكاليا ترك الناصرة صباحاً وطوى ليلته قبيل الحدود اللبنانية (إذاً بات في اليوم الثاني) ثم أكمل في الغد وبلغ قانا مساءً (إذاً في اليوم الثالث بحسب التقويم اليهودي) ما يفسّر قول يوحنا إن عرس قانا حصل في اليوم الثالث، وكان يسوع بات هناك.
وفي الفصل الرابع/الآيات 43 إلى 53، يروي يوحنا أن يسوع عاد إلى قانا وقصَده إليها من اليهودية قائدُ الملك يسأله شِفاء ابنه المحتضر، فقال يسوع: “إذهب. إبنُك حَيّ”. وفي منتصف طريق عودته من قانا إلى اليهودية التقى عبيدَه فأخبروه أنّ ابنه شُفيَ. سألَهم “متى؟” فقالوا: “الواحدة بعد ظهر أمس”، ما يشير إلى أن القائد قطع المسافة إياها التي كان اجتازها يسوع (يوم ونصف). ولِمَن يدّعون أن قانا الجليل في الإنجيل هي كفركَنّا فلسطين، نُجيبهم ببساطةٍ أنّ كفركَنَّا تبعد عن الناصرة خمسة كيلومترات لا يلزم لاجتيازها يومٌ ونصف اليوم.
بلى… إنها قانا… قانانا… قانا لبنان، وهِيَ هِيَ التي شهدَت الولادة الثانية لِمَن وُلِد إنساناً في بيت لحم، ووُلِد إِلَهاً في قانا لبنان حين اجترح الأعجوبة التي علّق يوحنا عليها (في الآية 11 من الفصل الثاني) بقوله: “فأَظْهَر يسُوعُ أُلُوهَتَهُ وآمَنَ به تلاميذُه”.
هكذا إذاً: وُلِدَ يسُوع إنساناً في فلسطين، وَوُلِدَ إلَهاً في لبنان.
الـمَجدُ لكَ يا لبنان،
والـمجدُ لكِ يا قانا:
كلُّ مدينةٍ في العالَمِ ذاتُ احتفالٍ واحدٍ بِميلادٍ واحد، إلاّ أنتِ: وَحدَكِ في العالَم، قانا… ذاتُ الميلادَين.