الحلقة 764 : ربيعُ لبنان و”الصيف الهندي”
الأحد 21 كانون الأول 2008
مع أننا لَم نَعُدْ في الصيف، ولَم نبلُغْ بعدُ الربيع، نَجِدُنا نَبحثُ عن ربيع لبنان في “الصيف الهندي”.
ولأنّ علامة “الصيف الهندي” أنه مُتأخِّراً يَصِل، وبسرعةٍ يرحَل، فهذا اللبنانُ المرصودُ على العذاب والمفاجآت الدراماتيكية – وهو أرضُ الأربعة الفصول-، كأنّما قدَرُهُ أن يَظلَّ يَنشُدُ الربيع في جميع الفصول، ويُمضي صيفَه مُحاذراً بلوغَ “الصيف الهندي”.
ومن أَوصَلَ لبنانَ إلى هذا القَدَر؟
مَن مِن لعنة القدَر على لبنان أن يكونَ تَسَلَّم مقدَّراتِه وساسَها، منذ أكثر من نصف قرن، مَن لَم يَحكُمْهُ، في معظمهم، إلاّ مَن بَنَوهُ مزرعةً بِمنطق العشيرة والقبيلة، ولَم يبنُوه وطناً بِمنطق الدولة.
لذلك، منذ تلك الأيام، وهو يَدفعُ الثمن عن سواهُ، ويتحمَّلُ عن سواهُ،
ويتلقّى الضربات عن سواهُ،
ويتشرّدُ بنُوه عن سواهُ،
ويتهدَّدُ كيانُهُ بالتفسُّخ عن سواهُ،
وكلَّ فترةٍ ينقصفُ عودُ دولته الطريُّ عن سواهُ،
ولا يزال مُبَدَّدَ الفصول عن سواهُ،
لا يَهنأُ في فصلٍ، ويَهنأُ سواهُ،
ولا يستمتعُ بربيعٍ طويلٍ إلاّ ويُفسِد هناءتَه سواهُ،
ولا يذوقُ صيفاً مستريـحاً حتّى يُسَبّبَ إفساد صيفِه سواهُ،
ويعصُف به الشتاءُ أهوالاً وبَرْداً ويدفأُ سواهُ،
وتَهُرُّ أوراق الخريف فيه على رصيف القلق والانتظار، بينما تتجدّد لدى سواهُ أوراقُ الخريف.
***
وطني…
يا أيُّها المصلوبُ يومَ قيامة سواك،
أيُّها الصاعدُ جلجلة العذاب في زمن الميلاد،
آن لك أن ترتاح أنتَ، ولْيُواجِهْ قَدَرَهُ سواك.
فَلْيَصُحَّ ما في الحلْم:
أن يأتي ربيعٌ يطول، بَهيّاً كقمر لبنان، نقياً كنجمة بيروت.
فنجمةُ القلب وصلَتْ. في “الصيف الهنديّ” وصلَتْ.
متأخرةً جاءَت لكنها وصلَتْ، ولَم تعُدْ صحراءَ رهيبةً مَحطةُ الانتظار.
فيا أَيُّها “الصيفُ الهنديّ”، لا تُمارس “هِنْدِيَّتَك” على نَجمة القلب!