512: تسأل الصبية فيرتبك أبوها

الحلقة 512: تسأل الصبيّة فيرتبك أبوها
(الأربعاء 5 تموز 2006)

تسأل الصبيةُ أَباها: أحببتُ بعلبك التي كنتَ تُحدّثني عنها في بلادنا هناك، معتزّاً بها في بلادك هنا، وقدّرتُ جداً اعتزازك بها وبهيبتِها وتاريخِها العظيم وجمالِ هندستها وشهرتِها في العالم، وكان في مكانه تشوُّقي إلى رؤيتها في زيارتي هذه الأُولى إلى بلادك لبنان، بلادي الأُم لبنان، ولكن… كيف تسمحُ الجهاتُ المعنيّة بأن تكون الطريقُ إليها بهذا الإهمال الذي يبلغُ حد الخطورة في الحفر والتلعات والتشققات وغياب الإنارة والخطوط البيض ورجال شرطة السير، فكيف يمكن تَركُ معْلمٍ رائعٍ كبعلبك، وموقعٍ رائعٍ كهذا السهل الساحر، بهذا الإهمال الفاجع؟
تسأل الصبيّة أباها: كيف كنتَ تقول لي إن لبنان بلد جميل ذو هواء منعش ومناخٍ فريد ومناظر طبيعية ساحرة، وهذه جميعُها عاينتُها، ولكنني عاينتُ إهمالاً خطراً في البيئة والنظافة، فهنا كساراتٌ تغتال جمال الجبل، وهنا تلال من النُفايات تنخرها الزحافات والحشراتُ والجرذان، وهنا إحراق الزبائل في الهواء الطلق بما في ذلك من ضرر توَزُّع دخانها المسموم على الأولاد والأطفال والسكان في البقعة المحيطة؟
تسأل الصبية أباها: كيف يمرُّ سائقٌ مسرعٌ أمام شرطي السير ولا يتحرك شرطي السير؟
تسأل الصبية أباها: كيف يعبر السائقون الضوء الأحمر ولا يخشون عقوبة القانون، وليس من يردعهم؟
تسأل الصبية أباها: كيف رأيتُ أمس في السوبر ماركت تفاحاً مستورداً يُقبل عليه الناس، ويتركون تفاح لبنان وقلتَ لي إن مزارعي التفاح يعجزون عن تصريف تفاح لبنان الذي ذقتُه فوجدتُ مذاقه أطيبَ ما ذقتُ في حياتي؟
تسأل الصبية أباها: إذا كانت السياحة ثروةً صيفيةً للبنان، فلماذا لا تعمد الحكومة إلى ترتيب ما حول السياحة من تنظيم ونظافة وطرقات ونظام، ترغِّبُ جميعُها سيَّاحاً مثلنا في زيارة لبنان؟
تسأل الصبية أباها: الوزراء هنا في بلادك الأُم، شو بيشتغلو؟
تسأل الصبيّة أباها: أليس حراماً أن يكونَ لبنان بهذا الجمال الطبيعي ولا تكونَ الدولة بمستوى الحفاظ على هذا الجمال وتفعيله وجذب الناس إليه؟
تسأل الصبيّة أباها: متى نعود إلى بلادنا هناك؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*