الحلقة 449: الاستقلال يكتمل بشفافية السياسيين
(الأحد 20 تشرين الثاني 2005)
عشية عيد الاستقلال، نتساءل ببياض نوايا: أيكفي احتفالُنا بالاستقلال في عرض عسكري واستقبال رسمي وبث أغنيات وطنية واستذكار نعمة 14 آذار، ومتابعة تصاريح السياسيين؟ وهل سياسيونا جميعُهم صالحون مخْلِصون مخلِّصون مخلَّصون؟
عشية عيد الاستقلال جاءنا هذا الخبر من بريطانيا: عملاً بمبدإ الشفافية المالية المفروضة على البرلمانيين البريطانيين بالتصريح سنوياً عن كل قرش تقاضوه خارج رواتبهم، صرّح رئيس الوزراء طوني بلير أن رحلته السياحية مع عائلته إلى الأردن في فترة الميلاد (العام الماضي) كانت بدعوة كاملة من عاهل الأردن ولم يصرف قرشاً واحداً من خزينة الدولة. وفي السياق نفسه صرح وزير الخارجية جاك سترو أن ترفيع بطاقة سفره إلى بوسطن في آب الماضي من الدرجة السياحية إلى الدرجة الأُولى كانت هدية من طيران “بريتيش إيروايز” ولم يدفع الفرق من خزينة الدولة.
فهل هذه الشفافية مطبّقة عندنا؟ وهل سياحات معظم سياسيينا من غير شر، هم وعائلاتهم في بلدان العالم، تتم بضيافة الآخرين أم على حساب الخزينة اللبنانية ومن مال المواطن اللبناني؟ وبطاقات السفر، أيرضى سياسي عندنا أن يسافر في الدرجة السياحية أم يفرض الدرجة الأُولى له وللمدام وبعض الأصدقاء، وكل هذا من خزينة الدولة ومال المواطن اللبناني؟ وهل يرضى السياسيون في سياحاتهم، من غير شر، إلاّ أن يكون حتى شراء الهدايا من خزينة الدولة ومال المواطن اللبناني؟
بناء الدولة يبدأ من هنا. التطهير والإصلاح يبدآن من هنا: لا بمعاقبة موظف صغير يرتشي، بل بمحاكمة سياسيٍّ يخون بلاده بدءاً بصرف قرش واحد من خارج راتبه، قرشٍ من مال المواطن اللبناني الرازح تحت دَين الدولة بالمليارات. ولن يكتمل استقلال لبنان إلا بتحرُّره من اليوضاسيين الخونة في طقمه السياسي.