الحلقة 448: بيروت التي تقرأ
(الأربعاء 16 تشرين الثاني 2005)
مفرحٌ ما نعاينه مساءَ كلِّ يوم في مركز بيال، من مئات اللبنانيين المتقاطرين إلى معرض “القراءة بالفرنسية والموسيقى”، مقتنين الكتب الجديدة والوسائل السمعية أو البصرية الجديدة، أو حاضرين الأمسياتِ المصاحبةِ المعرض، وهي على مستوى راقٍ عالٍ من الحضارة الثقافية.
فجديدُ الكتب كثيرٌ كثير، والأهمُّ منه، لبنانياً، صدورُ مجموعةٍ كبرى من الكتب بالفرنسية لمؤلفين لبنانيين أو لمؤلفين فرنسيين أو فرنكوفونيين عن لبنان، ما يدلُّ على حضور لبنان لقراء الفرنسية في العالم، ومساحتهم دولية كبرى.
والوسائل السمعو-بصرية متوفرة بكثرة، دليلاً ثقافياً وتربوياً على بلوغ هذا الحقل تطوُّراً تقنياً مذهلاً.
والأنشطة المصاحبةُ المعرض تستقبل ليلياً كبار الأدباء الفرنسيين أو الفرنكوفونيين، ضيوفَ لبنان الذين يصاحب حضورَهم إلى لبنان إعلامٌ عنهم في فرنسا والعالم الفرنكوفوني.
أهمية هذه الظاهرة، إضاءةُ لبنان أيضاً وأيضاً منارةً حضاريةً في هذا الشرق، وانفتاحُهُ الرائع على ثقافات العالم، وإقبالُ اللبنانيين على الكتاب الفرنسي وإنتاج الحضارة الثقافية والأدبية الفرنسية، ما يشير إلى كون لبنان الحقيقي هو لبنانُ الثقافة، لبنانُ الدور، لبنانُ الرسالة، لبنانُ النافذة الحضارية، لبنانُ الشرفة العالية على وساعة العالم.
المطلوب من مدارس لبنان، أن تصحب تلامذتها إلى معاينة هذه المعروضات الثقافية، والمطلوب من الطلاب الجامعيين الإقبال على هذا المعرض، حتى يعوا تماماً أنَّ بيروتَ الحقيقة هي هذه المنارةُ الثقافية الرائعة، كي لا يظلوا رازحين تحت أجواء نشرات أخبار الإذاعات والتلفزيونات، معتقدين أنْ ليس في لبنان سوى أخبار السياسة والسياسيين. ومتى شاهدوا منارة بيروت الحقيقية، أدركوا أن لبنانَ الحقيقي هو لبنانُ الكتاب، لبنانُ الحضارة والثقافة، فيعودون إلى الإيمان به وطناً على رأْس المنارة، لا في وحول التخبطات السياسية التي تشوّه صورته الحضارية.