الحلقة 424: درس في نظام السير من السعودية
(الخميس 6 تشرين الأول 2005)
وسْط الفوضى القاتلة في نظام السير عندنا، ووقاحة المخالفين لأنهم لا يهابون نظام السير ولا رجال شرطة السير الذين في معظمهم بلا فاعلية ولا هيبة، جاءنا خبرٌ لافتٌ من المملكة العربية السعودية يدل على التنظيم والحزم والحسم، المثلث الذي حين يفرض هيبة الدولة يجعل المواطنين ينصاعون ويتهيَّبون وينضبطون فيعم النظام والتنظيم.
الخبر (منقولاً عن جريدة “الحياة” نهار الأحد الماضي) أنّ شرطياً سعودياً في إدارة مرور محافظة القريّات (شمال السعودية) نظَّم محضر ضبط بوالده الذي ركن سيارته في الاتجاه المعاكس لخط السير على مستديرة قبالة منْزله ولم يُعِرِ احتراماً للإشارة الموضوعة عند طرف الطريق. وهو لصق محضر الضبط على زجاج السيارة الأمامي كي يراه والدُه والجيران درساً للجميع أنَّ القانون لا يعرف المحاباة ولا مراعاة الأشخاص أياً كانوا.
وحين علم بالأمر رئيسُ دائرة تلك النقطة المرورية، استدعى شرطيي الدائرة والشرطيَّ المعنيّ، ووجّه إليه كلمةَ تهنئة أمام زملائه كي يتعظوا أنّ القانون لا يعرف أقربين وأبعدين، بل يسري على جميع المواطنين.
هذا الخبر المشرّف، من المملكة العربية السعودية، ليس في حاجة إلى تعليق. لكنه أمثولة للاتعاظ مثلّثة: أولاً لهيبة دولة لا أحد فيها فوق القانون، ثانياً لشرطي يقوم بواجبه أياً يكن المخالف، ثالثاً لمواطنين حين يعرفون أن الدولة حاضرة، لا يعود فيهم من يجتاز التقاطع على الضوء الأحمر، ولا من يقود سيارته بسرعة مجنونة، ولا من يتجاوز بين السيارات زيكزاكياً، ولا من يركب دراجته النارية فيقلق حياً بكامله بعد منتصف الليل.
ومتى حزمت الدولة واتَّعظ المواطنون، لا يعود مكان للمعليشية والخوشبوشية والمحسوبية والأزلامية والعشائرية والمزرعجية والحالة الفوضوية، ويصبح المواطنون جميعاً خاضعين للقانون، لأنهم، فقط لأنهم، يهابون المخالفة، وتالياً يتهيَّبون… هيبة الدولة.