الحلقة 425: خليج جونيه بين رعب المتفجرات ورعب المفرقعات
(الجمعة 7 تشرين الأول 2005)
صحيحٌ أنّ من أجمل واحاتنا السياحية: خليج جونيه، وصحيح أنّ كثيرين كانوا يتندرون بعبارة “شو هَمّ جونيه من هدير البحر”، لكنّ الصحيح أيضاً أن شكل هذا الخليج مزنّراً بالتلال العالية حوله يجعل أيَّ صوت قوي فيه يضرب صدر التلال وينعكس لينفلش على وسع الشاطئ والخليج والبلدات المحيطة بالخليج.
من هنا أن الانفجار المجرم الذي استهدف زميلتنا العزيزة مي شدياق سمعه جميع سكان خليج جونيه في جميع البلدات المحيطة به. وتالياً لا يزال هؤلاء السكان، كمعظم سكان لبنان، يعيشون رعب ذاك الانفجار وتردداته في الإعلام، وما زالوا يعيشون، يوماً فيوماً، هذا الرعب ومفاعيله وقلقه المتوتر المتواصل.
وسط هذا الرعب بالذات وهذا القلق بالذات، عاد أهالي البلدات المحيطة بخليج جونيه يستيقظون ليلاً على انفجارات نحو منتصف الليل أو بعد منتصف الليل، كي يكتشفوا بعد حينٍ بأنها مفرقعات أسهم نارية في عرس صادرةٍ عن أحد المجمعات البحرية على شاطئ خليج جونيه. وهو ما يحصل دوماً في عدد من المجمّعات السياحية أو الفنادق الكبرى في العاصمة وحول العاصمة وبعض المصايف وربما في أماكن أخرى لم يبلغنا خبرها.
وإذا عذَرنا العريس الذي يريد تبييض وجهه أمام عروسه والسيدة حماته بالمفرقعات النارية، وإذا عذَرنا المجمَّع البحري لأن المفرقعات جزءٌ من عقد العرس والاحتفال، فكيف نعذر المسؤولين في هذه الدولة الشوساء التي لا تلاحق مقلقي راحة المواطنين والأطفال والمرضى بعد منتصف الليل؟ وإذا كان مسببو الانفجارات المجرمة من فصيلة الأشباح كما تتحجج الدولة، فمسببو المفرقعات الراعبة ليسوا أشباحاً بل ناس لهم اسم وعنوان وجميع الناس عليهم شهود.
كفى… كفى… يطلقها كل مواطن في لبنان، غضباً على فَلَتانين: فَلَتان لا يضبطه أمن وقائي مسبَق، وفَلَتان لا يقل عنه وقاحة ليس يضبطه أمن إجرائي لاحق، ويظلّ اللبنانيون بين رعبين: رعبٍ مجهولٍ من حقيبة المتفجرات، ورعبٍ معلومٍ قابعٍ في قعر حقيبة السفر.