415 – أدب الرحلة بالصوت بعد القلم
(الجمعة 23 أيلول 2005)
اتصلَت بي، وأنا أساساً أستثقل دمها وتشاوُفَها ونقَّها الدائم وأن ليس يعجبها العجب، لكنني أحترم زوجها صديقيَ الذي عبثاً يوجه لها ملاحظاتٍ على طبعها المزعج.
اتصلَت أمس تقول: “أمن الضروري كلما سافرتَ أو قمتَ بجولة أو رحلة داخلية في لبنان، أن تدوّن اندهاشَك كَمَن لم يَرَ شيئاً في حياته، وتشركَنا بمشاهداتك في حلقاتك “نقطة على الحرف” من “صوت لبنان” أو في مقالاتك “أزرار” من “النهار”؟
يا هذه، ويا كلَّ مَن كهذه: أولاً إذا كنتِ منْزعجةً إلى هذا الحد فلماذا تسمعينني من “صوت لبنان” ولماذا تقرإينني في “النهار”؟ ثانياً: مشاهداتي التي أنقلُها إلى أصدقائي المستمعين والقراء، لا أنقلها حدثاً شخصياً ولا مشاهداتٍ شخصية، بل دائماً أستغل حادثة شخصية لأجعلها مطيةً إلى الحالة العامة فأُسقِطَ الخاص على العام وأُقارنَ بين ما عندَنا وعندَ سوانا، وهذا دورُ الكاتب: أن يكونَ في شعبه عيناً ترى وقلماً يدوّن وصوتاً يوصل، وإلاّ فما رسالة الكاتب في مجتمعه، وما حاجة مجتمعه إليه إن كان شخصانياً حيادياً لا فعالية له ولا تأثير؟ ثالثاً: يا هذه، ويا كلَّ مَن كهذه: هل تعرفين شو يعني أدب الرحلات؟ هل سمعتِ به أو قرأتِ صفحة منه واحدة، قديمه والحديث؟ في المألوف أن نقرأ أدب الرحلات فَنَسْتَمْتِعَ وَنَتَثَقَّفَ وَنَتَّعِظ. اليوم انتقل هذا الأدب من القلم إلى الصوت، فشكراً للقلم الذي كان يكتب، ومرحى بالصوت بات اليوم ينقل نابضاً حياً.
والسلام عليك وشفقةُ الله وبركاته.