الحلقة 407: هكذا تنهار الثقة بين المواطن والدولة
(الثلثاء 13 أيلول 2005)
بعدما أغرقت الإعلانات أعينَ المواطنين وأسماعَهم بقرب تغيير الرمز الخلوي من 03 إلى 71، وبعدما استبق مواطنون تاريخ التبديل الكان مرتقباً هذا الأُسبوع فغيّروا في مطبوعاتهم وقرطاسياتهم، عاد وزير الاتصالات بالوكالة فأوقف العمل بهذا التغيير الذي سوّقت له الشركتان مشغّلتا قطاع الخلوي، وأعطى الوزير أربعة مبررات للدولة بذلك: أنّها عملية مكلفة على المواطنين والمشتركين، أن الوقت اليوم غير ملائم لها، أنّ التغيير يؤثّر في مجرى التحقيق الدولي الجاري حالياً، وأنّ الوزارة لا تريد أن تتقيّد بأي إجراءٍ متّخذٍ من الحكومة السابقة التي قال الوزير إن وزارة الاتصالات فيها أغرقت الناس بالأرقام والأوهام وتَرَدّي الخدمة. ووعد الوزير بتعويضات لمتضررين غيّروا مطبوعاتهم وقرطاسيّتهم، ووعد بأن تقوم الوزارة في فترة لاحقة بدرس الملف كاملاً من جديد.
أوّلاً ليس في نيّتنا التعليق على كلام الوزير بالوكالة فهو أدرى منا بالملف وحيثياته. ثانياً لسنا في وارد التحقق من صدقية موجبات تقنية أملت ضرورة التغيير ثم أملت وقف التغيير. ثالثاً، وهنا الأهم، نحن في وارد أن نسأل: إلى متى هذا الارتجال في مسارب الدولة بين حكومة وحكومة، ووزارة ووزارة، ووزير ووزير؟
وإلى متى يبقى المواطن هو الضحية بين حكومة وحكومة، ووزارة ووزارة، ووزير ووزير، وتبقى الدولة سائرةً إلى مهاوير الهدر وتعويض الهدر والوعود بدرس التخفيف من الهدر؟
الدولة الدولة، هي التي تزرع في مواطنيها الثقة بها وبتخطيطاتها المسبقة ومشاريعها المدروسة سلفاً.
وطالما هذا الأمر لم يتوفر بعد، ستبقى الارتجالات سيفاً مصلتاً على الوطن الذي أخطر ما يواجهه اليوم: فقدان ثقة المواطنين بساسة أوصلوهم إلى فقدان… هيبة الدولة.