341: من العالم الثالث إلى العالم الثالث والثلاثين

الحلقة 341: من العالَم الثالث إلى العالَم الثالث والثلاثين
(الاثنين 13 حزيران 2005)

أكان ضرورياً كلُّ هذا التناهش الكلامي، والتلاطم الاتّهامي، والتراشق بالسكاكين الخطابية، بلوغاً إلى صندوقة الاقتراع؟
أكان ضرورياً إغراقُ البلاد في جوٍّ من التشاتُم الرخيص وتبادلُ الاتّهامات من كل كيلٍ وكل عيار، وإثارةُ ردود الفعل والاتّهامات المضادة، والقصفُ المتبادَل فوق رؤوس المواطنين، بلوغاً إلى أصواتٍ إضافية هنا و”تشليحِ” أصواتٍ من الخصم هناك؟
أكان ضرورياً تَحويلُ الوسائل الإعلامية متاريسَ عالية للقصف والقصف والمضاد، وتَحويلُ برامج الـ”توك شو” منابرَ لا لإعلاء الأصوات بل لإعلاء الشتائم وتعرية الخصم بتُهَمٍ من كل عيار؟
أكان ضرورياً هذا الحكُّ على غرائز الناس وعواطف الناس وعقول الناس، من فوق ذهول الناس، كي يفوزَ هذا بأصوات الشتائم أو يسقطَ ذاك لأن اتهاماته كانت أقل؟
أكان ضرورياً إيصالُ الناس إلى القرف بعبارة “يا عيب الشوم”، عوض إيصال الناس إلى الاعتزاز بعبارة “ما أرقى هذا البرنامجَ الوطني يقدّمه هذا المرشح الراقي”؟
أكان ضرورياً أن تَحُل الشتيمة مكان البرنامج، والتهمة مكان النهج، والشعارات المَعلوكة الفارغة عوض المبادئ المدروسة، والتمترُس خلف نبش الملفات والتُّهَم مكانَ مُخططٍ علمي اقتصادي سياسي اجتماعي واضح لإخراج لبنان من وحل العار السياسي الذي يتخبّط فيه لبنان؟
أكان ضرورياً تهييص زعيق الناس الغرائزي في المهرجانات الانتخابية عوض إثارة اهتمام الناس بتفنيد ودراسة هذا البرنامج أو ذاك لأربع سنواتٍ مقبلة يفصِّل حلولاً لِمشاكل يعاني لبنان منها وكيفيةَ الخروج من مشكلةٍ بِمشروع حلٍّ أو باقتراح صيغ للحلّ؟
يا وطني الحزين،
كنتَ جُزءاً من العالم الثالث المسكين،
فحوّلَكَ هؤلاء المرشحون إلى بلادٍ متخلّفة في العالم الثالث والثلاثين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*