الحلقة 342: لا شعارات انتخابية لأربعة أيام بل برامج وطنية لأربع سنوات
(الثلثاء 14 حزيران 2005)
أمضينا الأسابيع الثلاثة الماضية نقول ونكرر بأنّ المطلوبَ ليس إطلاقَ شعاراتٍ على لوحاتٍ إعلانية ويافطاتٍ قِماشية وصورٍ ترشيحيةٍ، جميعُها تعلن حرصها على “الاستقلال” و”الإصلاح” و”التغيير” و”الوطن الجديد” و”لبنان المستقبل” و”شباب لبنان” و”السيادة” و”الحرية” و… “انتخبوني من أجل لبنان جديد”.
وأمضينا الأسابيعَ الثلاثة الماضية نتابع المرشَّحين الكرام يعتلون المنابر المهرجانية، ويتهندمون أمام كاميرات التلفزيونات، ويتنحنحون أمام ميكروفونات الإذاعات، ويُطلقون شعاراتٍ وعناوينَ معتبرينها برامجَ، ويحسبونها علينا برامج، فيما هي ليست سوى كلام انتخابي للاستهلاك الانتخابي، وعناوينَ فارغةٍ مفْرَغَةٍ من المضمون، على طرازِ “إصلاحِ الإدارة” و”تَحسينِ الاقتصاد” و”مُحاربةِ الفساد” و”تَحرير آخر شبر من تراب الوطن” و”المصالَحة الوطنية” و”تَحسين الأَداء” و”تَحصين السلْم الأهلي” و”تنْزيه القضاء عن السياسة” و”تَحقيق العدالة الاجتماعية” و”تأمين فرص العمل”…، إلى آخِر أسطوانة كلماتٍ فارغةٍ مفْرَغةٍ يتغرغر بها المرشحون، ويتشدّقون بها تحت كل صورة، وعند كل حوار، وفي كل خطاب، ولَم يتنبّه واحدٌ منهم أن يذكر الثقافة في شعاراته وبياناته وخطاباته المنبرية، مع أن لبنان لا يبقى منه إلاّ الثقافة، ولا نقيّ فيه مثلُ الثقافة، ولن يبقى منه للأجيال المقبلة إلاّ نتاجٌ ثقافيٌّ إبداعيٌّ وحده يُشَرّف اسم لبنان في الخارج، بين جوائزَ ينالُها مبدعون لبنانيون، ومؤلفاتٍ يضعها مؤلفون لبنانيون، وأعمالٍ موسيقيةٍ وتشكيليةٍ وإبداعيةٍ يتألّق بها مبدعون لبنانيون.
برامج المرشحين الانتخابية، زبَدٌ آنِيٌّ زائل، وشعاراتُهم فقاقيعُ صابون سرعانَ ما تُنَفِّس. والمطلوب ليس إطلاقَ شعاراتٍ عابرةِ، ولا برامجَ انتخابيةٍ فارغةٍ مفرَغة من كلِّ آلية وكلِّ مضمون وكلِّ نهج وكلِّ مُخططٍ تنفيذي. المطلوب برنامج وطني يعرض المشكلة ويضع الحلول، ويرسم كيف نعالِج لبنان لأربع سنوات مقبلة، وإلاّ سيبقى شعبُنا، كل أربع سنوات، يساق إلى صندوقة الاقتراع على أصداء تهييص مهرجانات انتخابية، وشعاراتٍ طنانةٍ على لوحاتٍ إعلانية كبرى تَحمل صُوَراً كبرى سرعان ما يُمزّقها الهواء وتَحل مكانها صورٌ أخرى لِمغنيات وراقصات، أجمل ما فيها أنها… بدون برامِج ولا شعارات.