الحلقة 334 – ينحني أمامهم يوماً وينحنون أمامه أربع سنوات
(الخميس 2 حزيران 2005)
صديقٌ مرشَّحٌ في دائرةٍ كُبرى، التقيتُه مساء أمس في عشاءٍ عام، فسمّاني “اللا يعجبني عجب”، متّهماً إياي أنني أخاطب الناس بِما يبدو تَحريضاً على المرشَّحين عوضاً أن يكون توعيةً للناس على هذا الواجب الوطني، وأنني اختصرتُ النائب بدوره التشريعيّ وأغفلتُ دوره الخدماتي، وأن الناس لا تَهتم بالتشريع أكثر مِما تهتم بِخدمات المرشَّح.
صديقيَ المرشّح هذا، بدا كأنه ينقل عن لسانيَ قولي “لا إله…” وأغفلَ الباقي. صحيحٌ أنني أحرّض شعبنا على ألاّ يكون قطيعاً مسيَّراً، لكنني دوماً أُشدد على أهمية كل صوتٍ ناخبٍ في مسيرة الوطن ومسار الدولة وسير الأجيال اللبنانية الشابة والمقبلة.
وصديقيَ المرشَّحُ هذا، جامعيٌّ مثقَّفٌ لكنه، في موسم الانتخابات، يتحوّل زعيم حي أو زاروب، فيروح يُخاطب الناس بِمنطق ما يريده الناس من المرشَّح، أي من يزور الناس نهار الأحد ويقف معهم في ساحة الكنيسة، أو من يعزّي في مأتمٍ ويَجلس مع أهل الفقيد نصفَ ساعة كاملة، أو من يلبي دعوة عرس ويتصور مع العريسين، أو من يلبي دعوة غداء ويتحدّث مع الحضور، أو من ينْزل من سيارته ويصافح الناس ويُساير الكبير والصغير، ومن يتَّصل به الناس ليلاً فيلبس ثيابه ويستقبلهم، ومن يقصده الناس لِخدمةٍ فيلبّي وبابُه مفتوحٌ وبيتُه مفتوح.
صديقيَ المرشَّح هذا، آخر ما يتحدّث فيه: التشريع وتطوير التشريع، فلا يعود أستاذاً جامعياً وباحثاً أكاديْمياً، بل يقزّم نفسه إلى نَجم خدماتٍ يقوم بها رئيس بلدية أو موظف فئة ثالثة في إدارة رسمية، أو مُعَقِّبُ معاملات سِمسار في دائرة حكومية.
أسوأُ ما فيها، هذه الانتخابات، أن ينحني المرشَّح أمام ناخبيه في موسم الانتخابات، فإذا فاز تعإلى عليهم حتى يَجعلَهم ينحنون أمامه أربع سنوات.