الحلقة 333 – كيف رأيت الناس هناك في موسم الانتخابات؟
(الأربعاء 1 حزيران 2005)
خلال إقامتي المؤقَّتة ستَّ سنوات في الولايات المتحدة، شهدتُ انْتخابَين رئاسيّين وعدداً من الانتخابات المحلية على مستوى البلدية أو الولاية، ولَم أرَ صُوَراً على حيطان، ولا سَمعتُ الناس (في بيوتهم أو اجتماعاتهم أو سهراتهم) يولون في أحاديثهم اهتماماً أو نقاشاً لهذا أو ذاك من المرشّحين، إلاّ نهار الانتخاب: يذهبون إلى مركز الاقتراع، سُوَيعَةً أو أقلّ، وينتهي الأمر. فلا شعارات طنّانة كذابة على الحيطان، ولا مكبرات صوت متخلّفة، ولا هَوبَرَات جوّالة في الشوارع، ولا يافطات فوق الطرقات، ولا صُوَر مكبرة على الشرفات والسطوح.
رأيتُ الناس هناك ينتخبون بقناعة: لا يَسألُ أحدٌ أحداً عن ميله أو مرشَّحه، ولا يهتمُّ أحد بتصويت أحدٍ لأحد.
رأيتُ الناس هناك يؤمنون بأنّ الانتخاب واجبٌ وطنيٌّ ضروري، وأنّ خدمة السياسيين للناس واجبٌ وطني لا اعتزازٌ زعاماتي.
رأيتُ الناس هناك يُحاسبون مرشَّحهم إذا أخطأ أو حادَ عن الخط، ورأيتُ السياسي هناك يهاب الناس لأنهم أوصلوه، ولا يُمنّنهم بأنه وصل.
رأيتُ الناس هناك يوظّفون السياسي في مصلحة الوطن فيصبح خادماً للناس والوطن، لا زعيماً على رقاب الناس ويَمتصُّ، باسم الناس، خيرات الوطن.
رأيتُ الناس هناك يَحترمون السياسي من دون أن يهرولوا منحنين أمامه ووراءه ويزحفوا على عتباته ويتحوّلوا خُداماً لديه راضين مرضيّين عوض أن يتحوّل هو خادماً عند أصغر طفل في شعبه الذي أوصله إلى مقعده السياسي.
رأيتُ الناس هناك، في موسم الانتخابات، يهتمون بأشغالهم ويتحدّثون بكل شيء إلاّ في السياسة، وأقلُّ ما يشاهدونه على شاشات التلفزيون: برامج الـ”توك شو” السياسية، ونشرات الأخبار.