الحلقة 332: النائب مشرِّع وليس معقِّب معاملات
(الثلثاء 31 أيار 2005)
هالَ البعضَ في حلقة أمس الاثنين قولي إن السياسي هو الخادم والشعبَ هو السيّد. واعتبروا أنّ فيه إساءةً إلى سياسيين هم فعلاً في خدمة الشعب.
لا ألوم المعترضين، لسببين: أولاً لأن عندنا فعلاً بعضَ السياسيين في خدمة الشعب، وثانياً لأن هؤلاء المعترضين المتعيِّشين المصلحجيين نشأُوا على خناعة “أمرك سيدنا”، و”مين ما أخد إمي صار عمّي”، و”الإيد الـ ما فيك تِكسِرا، بوسَا وادعِ عليها بالكسر”، و”لم يكن بالإمكان أفضل مِما كان”، و”قديمٌ تعرفه خيرٌ من جديد تتعرف عليه”،… إلى سائر هذه المَقولات الخانعة الانْهزامية الاستسلامية الذَّليلة التي يتغرغر بِها الناس مستقيلين عن كل رغبة في التغيير.
بِهذا الخُنوع الذليل يسير الكثيرون من شعبنا إلى صندوقة الاقتراع، حاملين استسلامهم أو استزلامهم، انطلاقاً من مبدأ “لا حول ولا…”.
ولكنّ للنائب اسْماً آخَر هو “عضو المجلس التشريعي”، أي أنّ شغْلَه الرئيس دراسةُ القوانين وسَنُّ الشرائع وتعديلُها بِما يتناسب ومواطني اليوم وأجيال المستقبل. فكم ناخباً في لبنان يذهب إلى الانتخاب بهذه الصورة عن قدرة المرشَّح أن يكون مشرِّعاً رؤيوياً لِمستقبل لبنان؟ كم ناخباً في لبنان لا يرى في النائب إلاّ زعيم حي أو زاروب يُخلّص هذا من الحبس، أو يعقّب معاملات في دوائر الدولة، أو يَحمي مُخالفاً، أو يدبّر وظيفة أو صفقة أو سَمسرة؟
مواطنونا في هذه الأيام، فلْينتخبوا مَن يشرّع قوانين لِغَدِ أولادهم، لا من يلاحق معاملاتهم في الدوائر العقارية وسجلات الأحوال الشخصية ومعاملات حصر الإرث.
فالنائب دماغٌ تشريعيٌّ، وليس أميناًً عاماً في جمعية دفن الموتى.