الحلقة 295: نودّعك اليوم.. ونستودعُك لبنان
(الجمعة 8 نيسان 2005)
في انتقالكَ اليومَ إلى مثواكَ الأخير، حَدَّ أسلافكَ الأبرار، نَشعرُ أننا، إذ نودّعُكَ، نستودعُكَ لبنان.
وفيما نُشَيِّعُكَ فقيداً تاريْخياً، يَشيع في قلوبنا شعاعٌ من إيمانٍ عميقٍ أن يَشُعَّ عليكَ في تشييعنا إياكَ شَعٌّ من الرجاء الخالد أن تَذكُرَنا في تأَمُّلاتِكَ وأنتَ في حضرة أبيك الذي في السماوات.
نودّعُكَ اليوم، ونستودعكَ لبنان، لبنانَ الذي أحببْتَهُ، أيها الأبُ الأقدس، وأَحَبَّكَ كما لم يُحِبَّ رأْسَ حُكمٍ معاصراً في العالم.
فاذكُرْهُ في صلواتكَ، وأنتَ حيثُ أنت، هانئٌ بانتقالكَ إلى دنيا الحق، إلى الحياة الأبدية، إلى الجنّة التي تذهبُ كي تنتظرَنا فيها يومَ القيامة.
فاذكُرْ، في صلواتكَ، لبنان، لبنانَ الذي ميَّزْتَهُ عن سائر الدول: ففيما كنتَ كَرَّسْتَ سينودُساً لكل قارّة، خصَّصْتَ سينودُساً خاصاً للبنان، وشئتَ الإرشاد الرسولي إليه أن يكون له رجاءً جديداً، وأنتَ العارفُ العارفُ ما الرجاءُ في تعاليم سيّد المحبة والتسامُح والرجاء.
أيها الأبُ الأقدسُ الذي نودّع اليوم، أُذكُرْ في صلواتكَ لبنان: لبنانَ الذي صنّفتَه أكثر من بلدٍ ذي جغرافيا وديمغرافيا، فوَسَمْتَهُ وطناً رسالة، لِما عاينتَ فيه من عائلاتٍ روحيّةٍ تتعانق في البيت الواحد: بيتُ لبنان، وعلى الأرض الواحدة: أرضُ لبنان، وبوِحدةٍ واحدةٍ وحيدةٍ موحَّدَةٍ موحِّدَةٍ هي: شعبُ لبنان اللبناني.
هكذا الوطنُ الرسالة، يا سيّدَ رسالة المحبّة والسلام، يضرعُ إليكَ اليوم، وأنتَ تواجِهُ أباكَ الذي في السماوات، أن تتضرّعَ له لدى الله الآب الرحمن الرحيم.
ولن ينساكَ، في صلواته، لبنان، في مساجده وخلْواته وكنائسه وصوامعه وجوامعه، ولْتصلْ إليكَ صلواتُه اليوم، وهو في زمن الفصح. فساعدْهُ بصلواتكَ على اجتياز المراحل الأخيرة من جلجلته الطويلة، فتتحقَّق بشفاعتكَ وشفاعةِ الله الآب الرحمن الرحيم، تتحقَّقُ أخيراً… قيامةُ لبنان.