الْحلقة 233: هذا الْجَل البطاطا بين جونيه وبيروت
(الأربعاء 5 كانون الثاني 2005)
مَرةً أُخرى نعود الى هذا الْمسمى تَجاوُزاً أوتوستراد جونيه بيروت فيما هو بالفعل جلّ بطاطا.
نعود لا لكي ندُلّ عليه، بل لكي نسأل: لِماذا؟
لِماذا هذه الْمسافةُ الْـ من نَحو عشرين كيلومتراً، متروكةٌ بِهذا الشكل؟
لِماذا مَقضِيٌّ علينا أن نعبر هذه الْمسافة بين جونيه وبيروت زيكزكاكياً بين حفرة وأخرى، أو بين تلّة وأخرى على الطريق، بكل ما في هذه الزيكزاكية من خطر الصدم أو حادث سير؟
لِماذا، والْحرب انتهت منذ خمس عشرة سنة، لا تزال على عُرض الطريق، في وسط الطريق، وعلى جوانب الطريق، بقايا حُفَر من قذائف الْحرب، أو بقايا قذائفَ مغروزةٍ من أيام الْحرب؟
لِماذا على سياراتنا، في طريق جونيه بيروت، أن تتكسَّر بارتطامها في مئات الْحُفَر والتشقُّقات والريغارات والعلوات والْمنخفضات والترقيعات الزفتية التي يا مَحلى الْحُفَر والتلاّت والتشققات، حتى باتت طريق جونية بيروت عذاباً حقيقياً لِمن يعبرونها كل يوم؟
نريد أن نفهم كيف يعبرها الْمسؤولون كل يوم، منذ أول حكومات بعد الْحرب حتى هذه الْحكومة الشوساء، ولا يفعلون بشأنها شيئاً، وبينهم من غير شرّ نوابٌ ووزراء ورؤساء ونواب رؤساء ومدراء عامّون وزعماء سياسيون وقادة شعبيون وموظفون كبار. فكيف يَمرون على هذه الطريق ولا يرون الوديان والْجبال التي فيها؟
نفهم أنّ سيارات السياسيين لا يدفعون ثمنها من مالهم الحلال بل من أموال الشعب الذي يؤمّن لهم معاشاتهم الْمتواضعة، ولكننا لا نفهم لِماذا تتكسّر سيارات الشعب، وثمنُها من تعب الشعب، وليس من يتنّبه الى هذا الأوتوستراد الذي أصبح جل بطاطا؟
نفهم أن يُتلف الإهمال طرقاتٍ ثانويةً أو فرعيةً لا يهرع عباقرة السياسة الى تزفيتها إلاّ قبيل الانتخابات، لكننا لا نفهم أن يتركوا طريقاً دُوَليةً رئيسيةً كأوتوستراد جونيه بيروت، ويهملوا تَحويله من جل بطاطا الى أوتوستراد.
أعرف أنني أثرتُ هذا الْموضوع في حلقة سابقة، لكنني أُثيره اليوم مُجدداً وسأظلُّ أُثيره، حتى يتنبّه ولو جهبوذٌ واحدٌ من الْمسؤولين، فيسعى الى تزفيت طريق جونيه بيروت، حتى لا تظلّ، ويا عيب الشوم، أَسوأَ من… جلّ بطاطا.