الْحلقة 226: غوى وغدي صايغ: موهبتان أكيدتان للبنان الموسيقَى الكلاسيكية
(الاثنين 27 كانون الأوّل 2004)
هديةُ الْميلاد من الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية، كانت حضورَ الشقيقين غوى وغدي صايغ عازفَين منفردين في الأمسية التي احتشد لها جمهورٌ كثيفٌ في كنيسة الجامعة اليسوعية حتى تابعَ الكثيرون وقوفاً في طقس ماطرٍ بارد.
غوى صايغ، بنتُ الخامسةَ عشْرة، عزفَت لبيتهوفن، بعصبيةٍ حنون، فانصاعت لها ملامس البيانو في رقة الْحنان مرةً، وفي جنون عبقرية بيتهوفن مرات، وغوى تتمرجح على النوتات فيؤوه تحت أناملها البيانو قبل أن يؤوه، بصمته، الجمهور الْمأخوذ ببراعة غوى التي كأنّ البيانو كان يتسلَّل الى أناملها لا أناملها تلامس البيانو، وهي تتمايل كأنها تعزف بكل جسدها لا بأناملها وحسب، بضربةٍ وُثقى، فتستلمُ من الأوركسترا وتسلّم الأوركسترا في انسيابية سائغة، يتقنها كبارُ العازفين الْمنفردين الذين تنضم إليهم غوى صايغ في جدارة عالية.
غدي صايغ، ابنُ الثالثةَ عشرة، مواصلاً مسيرته الوُثْقى في لبنان وخارج لبنان مع كبريات الأوركسترات، عزفَ لهايدن تلك الأُمسية، وتذوّق الجمهور رشاقةَ أنامله على البيانو، وعيناه على قائد الأوركسترا الدكتور وليد غلمية، ككبار العازفين الذين يلتزمون بعصا القائد وبنبض النص الْموسيقي، فكان غدي صايغ وفياً لنبض هايدن وإيقاعه، وبأيِّما براعةٍ عبقريةٍ مبكِّرةٍ وَوُثقى.
وفي ختام الأُمسية، عزف غوى وغدي صايغ بالأربع الأيدي، فجُنَّت ملامس البيانو من رقص الأنامل العشرين على نوتات الإبداع والْجمال.
شُكراً لوليد غلمية على فتحه الأبوابَ العالية للمواهب العالية، عزفاً وتأْليفاً وأداءً، يقدِّم للبنانَ الْموسيقَى مستقبَلاً ناصعاً من الْموسيقى الكلاسيكية الأصيلة التي تشرّف لبنان وترسم إبداعه الْحقيقي، وهو ما يقوم به وليد غلمية في الكونسرفاتوار وعبر الأوركسترا السمفونية وأوركسترا الموسيقى الشرق عربية.
والتحية لغوى صايغ وغدي صايغ، الْموهبتين الْموسيقيّتين الواثقتين اللتين نرصد عليهما فجراً آتياً للبنان الإبداع الذي وحده، وحده، هوية لبنان الْحقيقية.